[هل التعمق في دراسة العربية ... مذموم]
ـ[أبو تميم المصري]ــــــــ[09 - 09 - 06, 12:18 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل التعمق في دراسة العربية لطالب العلم الشرعي وصرف وقت ليس بالقصير في دراسة هذا العلم الذي هو من علوم الآلة ... مذموم؟
وماذا لو كان عند الدارس الرغبة في الخوض في دراسة هذا العلم فهل يصرف ذلك للعلم الشرعي.
وهل يكتفي بدراسة عادية للعربية تصونه من اللحن وتعينه على الفهم.؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[09 - 09 - 06, 01:01 ص]ـ
الذي أعتقده هو كراهة الانشغال باللغة عن العلم المقصود – علم الكتاب والسنة:
مع التنويه بأهمية اللغة وفهمها فلا بد من التنبه من ألا ينشغل الطالب بعلوم الوسائل عن علوم الغايات، فقد كره الإمام أحمد رحمه الله التوسع في معرفة اللغة وغريبها وأنكر على أبي عبيدة رحمه الله توسعه في ذلك وقال: هو يشغل عما هو أهم منه. وأشار ابن الوزير إلى أن كثيرا من مباحث النحو لا حاجة للمجتهد في معرفته كعلل النحو وغيرها.
وقال الشوكاني رحمه الله: غالب طلبة علوم الاجتهاد تنقضي أعمارهم في تحقيق الآلات وتدقيقها ومنهم من لا يفتح كتابا من كتب السنة ولا سفرا من أسفار التفسير. فحال هذا كحال من حصل الكاغد والحبر وبرى أقلامه ولاك دواته ولم يكتب حرفا فلم يفعل المقصود إذ لا ريب أن المقصود من هذه الآلات هو الكتابة كذلك حال من قبله.
ومن العجب أن نجد في بعض الأقطار الإسلامية من ينشغل بحفظ القاموس المحيط مثلا مع سهولة الرجوع إليه إذ لا حاجة للتبحر في غرائب اللغة مع وجود المعاجم، ولو صرف وقته للتزود من حفظ السنة والنظر في الفقه لكان أجدى وأولى.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[09 - 09 - 06, 01:32 ص]ـ
ينبغي لطالب العلم الشرعي أن يكون قصده بعلوم الآلة التوصل إلى فهم الشريعة؛ فإنه إن غفل عن هذا المقصود أضاع وقته فيما لا يفيد، وإن استحضر هذا المعنى لم يضره كثرة التبحر في علوم اللغة؛ لأنه بذلك يزداد بصيرة في كلام الله ورسوله؛ كما ذكر الشاطبي رحمه الله أن المبتدئ في العربية مبتدئ في فهم الشريعة، والمتوسط متوسط، وهكذا.
واستنكر الشوكاني رحمه الله ما يظنه بعضهم أنه يكفي المجتهد أن يدرس مختصرا في كل فن من فنون العربية، وقال بأن كثرة الاطلاع على لغة العرب وأشعارها وكلام العرب الفصحاء، وإدامة النظر فيها من أهم الأشياء للمجتهد.
وينبغي التفريق بين طلب علوم الآلة للتخصص فيها، وطلبها للاستعانة على علوم الشرع؛ فالأول يلزمه معرفة الحدود والتعاريف والتقاسيم ونحو ذلك؛ أما الثاني فلا يلزمه إلا تحصيل ملكة قريبة من السليقة ما أمكنه ذلك لكي يستطيع أن يوقع عن رب العالمين.
وينظر هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=80098
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[09 - 09 - 06, 02:31 ص]ـ
وأحب أيضا أن أنبه على مسألة مهمة جدا؛ وهي أن الله عز وجل من لطفه بعباده ييسر من شاء منهم لما خلقه له؛ فمن الناس من سخره الله عز وجل لحفظ سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من أجرى الله على يديه استنباط أصول الفقه، ومنهم من حفظ الله عز وجل به اللغة، ومنهم من جاب الفيافي والقفار لنقل أشعار العرب وأمثالهم وأخبارهم.
والأمة تحتاج إلى متخصصين في كل فن وفرع من فروع العلم؛ ولذلك قال الشافعي رحمه الله: إذا طلبتم العلم فدققوا حتى لا يذهب دقيق العلم.
وطالب العلم لا بد أن يأخذ من كل علم بطرف، ولكنه إن وجد من نفسه ميلا إلى علم من العلوم فالأولى أن يتخصص فيه لكي يقف على تلك الثغرة ويسدها وينفع الله به الأمة إن شاء الله تعالى.
ولذلك يذكر أن البخاري رحمه الله طلب الفقه أولا؛ ثم نصحه شيخه أن يطلب الحديث فبرع.
والحافظ العراقي رحمه الله أكثر الاشتغال بعلم القراءات في أول حياته ثم نصحه شيخه أن يطلب الحديث.
وسيبويه جلس إلى حماد بن سلمة في أول طلبه؛ ثم لازم الخليل فبرع.
والأمثلة على ذلك كثيرة جدا في تراجم علمائنا الأعلام.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[09 - 09 - 06, 02:42 ص]ـ
ومن العجب أن نجد في بعض الأقطار الإسلامية من ينشغل بحفظ القاموس المحيط مثلا مع سهولة الرجوع إليه إذ لا حاجة للتبحر في غرائب اللغة مع وجود المعاجم، ولو صرف وقته للتزود من حفظ السنة والنظر في الفقه لكان أجدى وأولى.
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذا التنبيه؛ فهو نصيحة خالصة إن شاء الله!
وكأن الإشارة إلى أهل شنقيط وأشباههم؛ فإن كان كذلك فالأمر يختلف باختلاف الناس، فمنهم من وهبه الله حافظة خارقة لا تكاد تقرأ شيئا إلا حفظته؛ كما يذكر عن الشيخ محمد الحسن الددو، وخاله الشيخ محمد سالم ولد عدود حفظهما الله.
وحفظ اللغات يختلف تمام الاختلاف عن الرجوع إلى المعجم عند الحاجة؛ فنحن نرجع إليه إذا أعوزنا معنى كلمة لنعرف معناها، ولكن ماذا نفعل إن أردنا أن نعرف الأشباه والنظائر التي هي من أهم الأمور لطالب العلوم اللغوية؟
وكيف نعرف مثلا مهيع العرب وطريقتهم في التعبير والاشتقاق والتغيير وما شذ وما لم يشذ ... إلى آخر ذلك.
فإن لم يتحصن طالب العلم بحصيلة لغوية واسعة يرجع إليها إن تعلق بحثه بمسائل اللغة فلن ينفعه الرجوع إلى المعجم.
وكم من أناس نعرفهم لا يحسنون فهم كلام أصحاب المعجمات ويحملونه على غير وجهه، فضلا عن أن يقدروا على معرفة التصحيف أو التحريف إن وجد، وما أكثره!
ولقد أحسن من قال: كان العلم في صدور الرجال، ثم صار في الكتب ومفاتحه بيد الرجال.
¥