تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الموريسكيون فى المغرب. عرض كتاب مترجم إلى اللغة العربية]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[06 - 01 - 08, 12:32 ص]ـ

الموريسكيون فى المغرب

بعد سقوط دولة الإسلام فى الأندلس –بل وقبيل السقوط- كانت الهجرة إلى بلد إسلامى تعد فى كثير من الأحوال هى الحل الأنسب، فقد رأى نبلاء غرناطة أن الأمور فى بلدهم تسير من سئ إلى أسوأ وأن دولة الإسلام منهارة لا محالة، ولم يكن من الممكن آنذاك عمل أى شئ يوقف زحف الملك الكاثوليكى.

بدأ الناس فى الهجرة، وكانت لتلك الهجرة –كغيرها من الحركات الكبرى فى التاريخ- تنائج ملموسة، سواء على الذين هاجروا، او على بعض البلاد التى هاجروا إليها. رحل الأندلسيون إلى تركيا ومصر وشمال إفريقيا وأوربا، بل وأمريكا التى كانت قد تم اكتشافها منذ قليل.

لم تكن هجرة الأندلسيين ذات أثر بارز فى بلد كمصر، فالمهاجرون قد استقروا فيها وصاهروا أهلها، وبعد فترة قصيرة لم يعد من الممكن التمييز بين المصرى والأندلسى (راجع كتاب عبد الرحيم عبد الرحمن عن الأندلسيين فى مصر من واقع ملفات المحاكم الشرعية، إصدرات مؤسسة التميمى للبحث العلمىبزغوان، تونس) ونظن أن الوضع لم يكن يختلف كثير فى بقية البلاد الإسلامية مثل تركيا.

لكن الوضع فى شمال إفريقيا كان مختلفا تماما، فقد أقام المهاجرون فى قرى ومدن خاصة، شيدوها على غرار المدن التى جاءوا منها، وظلوا يتحدثون الإسبانية فيما بينهم، ولم يندمجوا فى المجتمعات المغربية التى هاجروا إليها إلا بعد زمن طويل.

كان لهجرة الأندلسيين نتائج ملموسة على المغرب العربى، فقد نقل الأندلسيون إلى شمال إفريقيا ثقافتهم الخاصة، بإيجابياتها وسلبياتها، كما سنعرض فيما يلى.

كانت إعادة تأسيس مدينة تطوان على يد المنظرى، وهو نبيل غرناطى، هى أولى ثمار الهجرة الأندلسية إلى المغرب، والكتاب الذى بين يدينا يبرز الطابع الغرناطى الخالص الذى تمتعت به مدينة تطوان عند إعادة تأسيسها.

وصل الغرناطيون إلى شمال إفريقيا فأعادوا هيكلة الجهاد البحرى الذى تحول فى بعض الأحيان إلى وسيلة لكسب العيش. إن الجهاد –بشقيه: البرى والبحرى- قد جعل من تطوان قبلة للمسلمين المضطهدين فى أوربا.

كانت هجرة نبلاء غرناطة المسلمين إلى شمال إفريقيا سببا فى وضع حد للتوسع البرتغالى على حساب بلاد المغرب العربى، وقد استطاع المغاربة –بمعاونة الغرناطيين المنفيين- تحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه بمفردهم. إن النصر على البرتغال فى معركة القصر الكبير عام 1578 إنما ترجع أسبابه الرئيسية إلى معاونة الأندلسيين الذين وقفوا إلى جانب السلطان المغربى

على أن ثمار الوجود الموريسكى فى المغرب لم تقتصر على الجانب الجهادى، فيكفى أن نتذكر أن الأندلسيين –بالإضافة إلى تقديم المحاربين الشجعان للجيوش المغربية- كان من بينهم الوزراء ذوى الرأى، وكان منهم المستشارون والصناع المهرة والجنود والتجار، هذا إلى جانب المسائل الفقهية التى أثارها الوافدون الجدد إلى المغرب، وإلى جهود الأندلسيين أنفسهم فى ترجمة العلوم الدينية. كل ذلك أسهم فى أن يلمع بريق الأندلس فى الشمال المغربى. والكتاب الذى نقدم له يبين الآثار المعمارية التى خلفها الموريسكيون فى المغرب والتى انعكست –دون شك- على الطراز المعمارى المغربى فيما بعد.

لا نستطيع أن نؤكد أن ترحيب أهل المغرب العربى بأولئك المسلمين المهاجرين كان ترحيبا بلا تحفظ، فقد كان القادمون الجدد يمثلون –فى نظر البعض- تهديدا للقمة العيش من ناحية، وكان المغاربة ينظرون إليهم بعين الشك أحيانا حين يرون أنهم يمارسون إسلاما مختلفا فى شكله عن الإسلام الذى عرفه الناس فى المغرب. وعليه فقد تعين على الموريسكيين أن يدافعوا عن أنفسهم ضد سكان البلاد الأصليين وضد البرتغاليين فى آن واحد.

وقد أدى انهماك المسلمين الغرناطيين فى المغرب على توفير متطلبات حياتهم والدفاع عن أنفسهم، ضد البرتغاليين من ناحية وضد سكان البلاد الأصليين من ناحية أخرى، إلى نتائج منها اتجاه الوافدين الجدد إلى الجهاد البحرى (ومن هنا أهملوا بقية الأنشطة الاقتصادية كالزراعة والصناعة)، كما انحصر النشاط الأدبى فى كتابات دينية ضرورية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير