تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ابن تيمية وحياته]

ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[14 - 02 - 08, 02:05 م]ـ

ابن تيمية رحمه الله

هوأحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبى القاسم ابن الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني، ثم الدمشقي، الإمام الفقيه، المجتهد المحدث، الحافظ المفسر، الأصولي الزاهد. تقي الدين أبو العباس، شيخ الإسلام وعلم الأعلام، وشهرته تغنى عن الإطناب في ذكره، والإسهاب في أمره.

ولد يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى ستين وستمائة بحران.

وقدم به والده و بإخواته إلى دمشق، عند استيلاء التتر على البلاد، سنة سبع وستين فسمع الشيخ بها من ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وابن عبد، والمجد ابن عساكر، ويحيى بن الصيرفي الفقيه، وأحمد بن أبي الخير الحداد، والقاسم الأربلي، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر، ولمسلم بن علان، وإبراهيم بن الدرجي، وخلفه كثير.وعني بالحديث وسمع " المسند " مرات، والكتب الستة، ومعجم الطبراني الكبير، وما لا يحصى من الكتب والأجزاء. وقرأ بنفسه، وكتب بخطه جملة من الأجزاء، وأقبل على العلوم في صغره. فأخذ الفقه والأصول. عن والده، وعن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، والشيخ زين الدين بن المنجا. وبرع في ذلك، وناظر. وقرأ في العربية أياماً على سليمان بن عبد القوى، ثم أخذ كتاب سيبويه، فتأمله ففهمه. وأقبل على تفسير القرآن الكريم، فبرز فيه، وأحكم أصول الفقه، والفرائض ()، والحساب والجبر والمقابلة، وغير ذلك من العلوم، ونظر في علم الكلام الفلسفة، وبرز في ذلك على أهله، ورد على رؤسائهم وأكابرهم، ومهر في هذه الفضائل، وتأهل للفتوى و التدريس، وله دون العشرين سنة، وأفتى من قبل العشرين أيضاً، وأمده الله بكثرة الكتب وسرعة الحفظ، وقوة الإدراك والفهم، وبطء النسيان، حتى قال غير واحد: إنه لم يكن يحفظ شيئاً فينساه.

ثم توفى والده إحدى وعشرين سنة. فقام بوظائفه بعده. فدرس بدار الحديث السكرية في أول سنة ثلاث وثمانين وستمائة.

وحضر عنده قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكى، والشيخ تاج الدين الغزاري، وزين الدين بن المرجل، والشيخ زين الدين المنجا، وجماعة، وذكر درساً عظيماً في البسملة. وهو مشهور بين الناس، وعظمه الجماعة الحاضرون، وأثنوا عليه ثناءً كثيراً.

قال الذهبي: وكان الشيخ تاج الدين الغزاري، يبالغ في تعظيمه الشيخ تقي الدين، بحيث إنه علق بخطه درسه بالسكرية ثم جلس عقب ذلك مكان والده بالجامع على منبر أيام الجمع، لتفسير القرآن العظيم، وشرع من أول القرآن. فكان يورد من حفظه في المجلس نحو كراسين أو أكثر، وبقي يفسر في سورة نوح، عدة سنين أيام الجمع.

وفي سنة تسعين: ذكر على الكرسي يوم جمعة شيئاً من الصفات، فقام بعض المخالفين، وسعوا في منعه من الجلوس، فلم يمكنهم ذلك.

وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخوي: أنا على اعتقاد الشيخ تقي الدين، فعوقب في ذلك. فقال: لأن ذهنه صحيح، ومواده كثيرة، فهو لا يقول إلا الصحيح.

وقال الشيخ شرف الدين المقدسي: أنا أرجو بركته ودعاءه، وهو صاحبي، وأخى. ذكر ذلك البرزالي في تاريخه.

وشرع في الجمع والتصنيف، من دون العشرين، ولم يزل في علو وازدياد من العلم والقدر إلى آخر عمره. سمع الحديث، وأكثر بنفسه من طلبه، وكتب وخرج، ونظر في الرجال والطبقات، وحصل ما لم يحصله غيره. برع في تفسير القرآن، وغاص في دقيقة معانيه بطبع سيال، وخاطر إلى مواقع الإشكال ميال، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها. وبرع في الحديث وحفظه، فقل من يحفظ ما يحفظه من الحديث، معزوا إلى أصوله و صحابته، مع شدة استحضاره له وقت إقامة الدليل، وفاق الناس في معرفة الفقه، واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث إنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب، بل يقوم بما دليله عنده. وأتقن العربية أصولاً وفروعاً، وتعليلاً واختلافاً. ونظر في العقليات، وعرف أقوال المتكلمين، ورد عليهم، ونبه على خطئهم، وحذر منهم. ونصر السنة بأوضح حجج وأبهر براهين. وأوذي في ذات الله من المخالفين، وأضيف في نصر السنة المحضة، حتى أعلى الله منارة، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته والدعاء له، وكتب أعداه، وهدي به رجالاً من أهل الملل والنحل، وجبل قلوب الملوك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير