[تعريف المؤرخين بطليطلة لأبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري]
ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[23 - 12 - 07, 09:16 م]ـ
تعريف المؤرخين بطليطلة
أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
تكلم عنها ابن سعيد بعد احتلال النصارى لها، وبعد أن كانت معدودة مملكة كما عُدَّ أقزام الطوائف ملوكاً,, وفصل أعمالها بعناوين مسجوعة، فقال: كتاب مَوسطة الأندلس، هو كتاب النفحة المندلية في حلى المملكة الطُّلَيطُلية: مملكة بين مملكة قُرطبة وثغر سَرقسطة، وقد حصل جميعها في يد النصارى، وينقسم هذا الكتاب إلى:
كتاب البدور المُكَمَّلة في حلى مدينة طليطُلة.
كتاب الطِّرس المرقَّش في حلى قرية وَقَّش.
كتاب الغِيرة في حلى مدينة طَلِبيرة.
كتاب الغَرارة في حلى مدينة وادي الِحجارة.
كتاب صفقة الرَّباح في حلى قلعة رباح.
كتاب نقش السكَّة في حلى مدينة طلمنكة.
كتاب التغبيط في حلى مدينة مَجريط.
كتاب السعادة في حلى قرية مكَّادة, (1)
وقال عن المنصة: من التاريخ الرومي: إنها إحدى المدن الأربع التي بنيت في مدة قيصر أُكتيبان الذي يؤرخ من مدته مدة الصُّفر، وتأويل اسمها أنت فارح,, وهي في الإقليم الخامس موسطه,, منها إلى الحاجز الذي هو درب الأندلس نحو نصف شهر، وكذلك الى البحر المحيط بجهة شلب,, ومنها الى قرطبة، وإلى غرناطة والى مُرسية بلنسية نحو سبعة أيام، ونهر تاجُه قبليَّها,, وأطنب الحجاري في وصفها، ووصفها بعظم الامتناع، وإحداق الشجر بها من كل جهة، وأنه كان يُتَفَرَّج من باب شقرا في الجُلَّنار الذي لم يُر مثله، إذ الجُلَّنارة (2) تُقارب الرُّمّانة,, وفيها من ضروب التركيب والفلاحة ما تفضل به غيرها,, وابن بَصّال صاحبُ الفلاحة منها,, قال: ورأيت فيها الشجرة تكون فيها أنواع من الثمر,, وذكر أنه صحب عيسى بن وكيل إليها وقد توجَّه رسولاً، فقال ابن وكيل فيها:
زَادَت طُليطُلةٌ على ما حدّثوا
بلدٌ عليه نَضارةٌ ونعيمُ
الله زيَّنهُ فوشًّح خصرهُ
نهر المجرَّة والقصورُ نجومُ
ويُصنع فيها من آلات الحرب العجائبُ، وكان فيها المباني الذَّنُّونية (3) الجليلة,, منها قبة النَّعيم التي صُنِعت للمأمون بن ذي النُّون تنسدل فيها خيمة من ماء يشرب في جوفها مع من أحب من خواصه في أيام الصيف فلا تصل إليه ذبابة,, وهي في بستان الناعورة,, وفيها القصر المُكرَّم الذي بناه، واحتفل فيه، وأطنبت البلغاء والشعراء في وصفه.
وذكر الحجاري أن فيها صنفاً من التين: النصف أخضر والنصف أبيض في نهاية الحلاوة (4).
وقال عن التاج: كثيراً ما قامت بها الثوار في مدة السلطنة المروانية، ونهض إليها سلاطينهم، وحاصروها، فرجعوا خائبين,, وملكوها، فعاثوا في أهلها (5).
قال أبو عبدالرحمن: هذه النصوص عن واقعها الطبيعي المبهج، وهاهنا ثلاث من العبر:
الأولى: عن لؤم ابن ذي النون,, قال ابن سعيد: الأمير أرقم بن عبدالرحمن بن إسماعيل بن عبدالرحمن بن إسماعيل بن عامر بن مطرف بن موسى بن ذي النون,, من كتاب المسهب: يعرف بابن المضراس، وأخوه إسماعيل هو أول من ملك طليطلة من بني ذي النون,, وكان المأمون ابن أخيه ينفيه ويُبغضه، ويحسده على أدبه، ففرَّ عنه إلى الثغر الأعلى لمملكته، ومن شعره قوله:
إذا لم يكن لي جانبٌ في ذُراكمُ
فما العذر لي ألاَّ يكون التجنُّبُ
وكان قد قرأ في قرطبة على الرَّماديِّ الشاعر، وآل أمره إلى أن حصل عند النصارى، فدسَّ إليهم ابن أخيه المأمون من نصحه في شأنه بأنه جاسوس من قبل ابن أخيه، ليتكشَّف على بلادهم، فقتلوه، فقال المأمون: الحمد لله,, هذه نعم من جهتين: فَقدُ عدوٍّ، ووجوب ثأرٍ نطلبُ به,) (6)
قال أبو عبدالرحمن: قطيعة بين أخوين، وسقوط في أحضان النصارى، وفرح بغدر غير شريف، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والثانية: سيادة اليهود,, قال ابن سعيد: الطبيب أبو إسحاق إبراهيم بن الفخار اليهودي ساد في طُليطلة، وصار رسولاً من ملكها النصراني أذفونش إلى أئمة بني عبدالمؤمن بحضرة مرَّاكش,, وكان والدي يصفه بالتفنن في الشعر ومعرفة العلوم القديمة والمنطق، وقد أبصرته في إشبيلية وله جاه عريض، وأنشدني لنفسه قوله في أذفونش:
حَضرةُ الأذفونش لا برحت
غضةً أيامها عُرسُ
فاخلعِ النَّعلين تكرمةً
في ثَراها إنَّها قدُسُ) (7)
¥