جهود علماء العراق في الردّ على الشيعة
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[17 - 01 - 08, 08:51 ص]ـ
جهود علماء العراق
في الردّ على الشيعة
مع مقدمة مختصرة في تاريخ تشيع العشائر العراقية
عبد العزيز بن صالح المحمود
(القسم الأول)
مقدمة مختصرة في تاريخ تشيع العشائر العراقية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين [1].
مقدمة:
فهذا هو القسم الأول من بحث مختصر حول جهود علماء العراق في الرد على الشيعة في الفترة الممتدة من نشوء الدولة الصفوية في إيران وحتى سقوط الدولة العثمانية، حاولت فيها أن أوضح جهود علماء العراق في مقارعة التشيع كدين وفرقة منحرفة.
وما ذكرناه من جهود هو ما تمكنا من الوصول إليه، وإلا فهناك جهود لا تزال حبيسة المخطوطات في بطون المكتبات العامة والخاصة لا يعلم عنها شيء.
وهذه الجهود ليست مقصورة على مذهب أو جماعة من أهل السنة كلا بل هي عامة لكل أهل السنة بمختلف مذاهبهم الفقهية أو مناهجهم العقائدية، فتكوين العراق السُني المذهبي في تلك الأيام هو:
*حنفي المذهب (وهو المذهب الغالب في العراق بين العرب والتركمان).
*الشافعي (وهو مذهب بعض العرب السُنة والأكراد) [2].
*المالكية (وهذا مذهب بعض أهالي سنة جنوب العراق إلى أن اختفى وتبدل بالمذهب الحنفي ولا يزال بعض كبار السن من أهل السنة في الجنوب العراقي يقولون نحن موالج باللهجة العامية العراقية بتبديل الكاف جيما؛ أي موالك)، وليس هذا غريبا فالمالكية كانوا بالعراق لغاية القرن السادس للهجرة ثم انحسر وجودهم وبقي قسم منهم على شواطئ الخليج والإمارات المتحدة أهلها أكثرهم مالكية.
*وقليل من أهل الجنوب حنابلة في قصبة الزبير في محافظة البصرة.
أما العقائد السُنية في العراق في يومها: فهي الماتريدية والأشعرية، وقليل من السلفية من بقايا أهل الحديث، و ازداد عددهم مع تأثر العراقيين بحركة محمد بن عبد الوهاب في بلاد نجد.
والطرق الصوفية المعروفة في العراق هي القادرية والنقشبندية والرفاعية، وكانت غالبة على العراقيين في ذلك الوقت.
كل هؤلاء ـ بكل مذاهبهم وعقائدهم وطرقهم ـ ساهم في رد التتشيع والدعاية ضده. وثمّة جهد غير منظور، ألا وهو التدريس والدعوة وثقافة مقاومة التشيع ومقارعته واعتبار مواجهته جهاداً.
ولقد كان لأهالي بغداد خصوصا والعراق عموماً وقفات شجاعة في مواجهة الغزو الصفوي الشيعي، فقد نقل المحقق عماد عبد السلام رؤوف في تحقيقه لكتاب (زبدة الآثار الجلية في الحوادث الأرضية) لداود جلبي في هامش (ص62 - 63) وصفا لأهالي بغداد ومقاومتهم الجيش الصفوي الذي أرسله الشاه عباس لاحتلال بغداد وقتل سُنتها وذلك سنة 1032م بعد حصار أكل الناس فيه لحوم الحيوانات والآدميين: ( ... يصف المؤرخ محيي الدين العباسي قاضي تكريت المعاصر للأحداث كفاح أهل بغداد في تلك الأيام العصيبة فيقول: (أن أهل بغداد قاموا بأعمال عظيمة قلما أمة قامت بها، بأن حاربوا الشاه وقتلوا منه كثيراً .... وقد شحنوا أبواب السور بكثرتهم وصعدوا الأبراج يرمون من مزاغلها العدو بالنشاب وليس من يعينهم ويدير حركاتهم، ومع هذا قاموا بحرب دامية استظهروا بها على العجم، وفتحوا باب السور الوسطانية وخرجوا عليهم بالسيوف والخناجر وصارت ملحمة في الباب وعلى قناطر الباب، دامت ثلث النهار حتى ملئ الخندق بأشلاء العجم، ولما تراجع عسكر العجم من أطراف المدينة وقوي ساعدهم أوصدت الباب العالي ودام القتال إلى الليل ثم رجع العجم إلى مضاربه وخيامه، وتركوا قتلاهم وجرحاهم في الخنادق لا يحصون، ولما كان الغد أخذ أهل بغداد يقوون أخوانهم في الأبواب ويشحنونها بالمقاتلة، والنساء ينقلن إليهم الطعام و يزغردن فرحاً وتشجيعاً وكل هذا والمدينة خالية من الجند .. ) نقلا من مخطوط نشر قسم منه في جريدة العراق 27 حزيران 1930 م) ا. هـ ([3]).
وما كان الناس في يومها ليدافعوا لولا ثقافة سُنية أصيلة غرست فيهم ترفض التشيع، ولولا ثقافة أودعها فيهم أهل العلم والدعاة.
ولما رفض الأكراد السُنة قبول التشيع وفضلوا النفي على التشيع، حدث هذا في زمن الشاه عباس الصفوي فشرد (15000) عائلة كردية إلى خراسان، كما ذكره محمد أمين زكي في كتابه (خلاصة تاريخ الكرد وكردستان) (207،208، 211).
¥