تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[طليطلة وضحك كالبكاء! (أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري)]

ـ[عبد القادر بن محي الدين]ــــــــ[24 - 12 - 07, 02:16 ص]ـ

لا أزال في الحديث عن طليطلة عاصمة القوطيين التي كانت قاعدة الاستقرار العربي الإسلامي في الجزيرة الخضراء منذ فتحها طارق بن زياد رحمه الله,, طليطلة بيت الحكمة،،القنطرة الشهيرة، والمساجد، والمنائر التي شاهدتهم أثارة ضئيلة منها,, طليطلة العلماء الأجلاء من أمثال أبي الحسن علي بن محمد بن دري، وأبي عبدالله المغامي، وأبي مسلم الضرير المقرئ، والقاضي أبي الوليد الوقشي، وابي عبدالله محمد بن إبراهيم الأنصاري ابن شق الليل، وقاضيها إمام المالكية يحيى بن يحيى الليثي,, ومن طليطلة اسرة أبي الوليد محمد بن الحسن بن زيد الغافقي، وأسرة يوسف بن يحيى المغامي من ذرية أبي هريرة رضي الله عنه، ومنها محمد بن حزم بن بكر التنوخي ابن المديني الذي سكن قرطبة,, ومن طليطلة أسلاف ابن الخطيب السلماني يعرفون ببني زير رحلوا إليها من قرطبة بعد هيج الربض، وأسرة عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن ذي النون الحجري,, لا أدري أهو من الأسرة الحاكمة، أم انتقل الاسم بمصاهرة، أم أن ذلك اسم على اسم؟.

قال أبو عبدالرحمن: يضنيني العد، وقد أصبحت اليوم بلد الشذوذ الجنسي المحمي بالقانون، وبلد كل الفواحش، وليس فيها من يقول: ألله ألله إلا من كان مسلماً زائراً لا حول له في البلاد ولا طول.

وكما كانت طليطلة قاعدة الاستقرار في الفتح كانت أول عنوان في سفر الخروج، وأفدح كرب على يد برابرة من جملة ملوك الطوائف الأقزام.

قال أبو عبدالرحمن: وإن قلمي لأحير من ضب في التعبير عن طليطلة بهذه المشاعر المضطربة المتناقضة,, وبعض عشاق التسلية يمجدون الأدب والعلم والفن في كنف دول الطوائف,, والحق في ذلك أن منه ما هو فخر وعز لعلماء أجلاء فضلاء ليس بيدهم حول ولا طول في المجال السياسي، ومنه أدب مجون، وأدب مستحقرين من ملوك الطوائف ليس لهم من الحركة إلا ضرطة مسلوخ!!.

فمن أدباء الحقيرِ المأمون بن ذي النون الوشاحُ ابن أرفع رأسه الذي يقول في موشحته:

تخطر ولم تسلم

عساك المأمون

مروع الكتائب

يحيى بن ذي النون!!

قال أبو عبدالرحمن: واخجلتاه!! ,, بل رأيت شكيب أرسلان في كتابه الإنشائي يقول عن بني ذي النون: وجاهدوا الثغور جهاداً كان الصبر مقامه.

قال أبو عبدالرحمن: العبارة الأخيرة غامضة، ولا نعرف لهم جهاداً في الثغور، وإنما حالفوا النصارى في محاربة المسلمين.

قال أبو عبدالرحمن: وسامح الله الوزير أبا الفضل محمد بن عبدالواحد بن الحارث الدارمي سفير الخليفة العباسي القائم بأمر الله إلى صاحب إفريقية المعز بن باديس، فلم يستح من التخييم عند هذا المأمون البربري بالأندلس، ثم لم يخجل ثانية من المدائح فيه كقوله:

يا ليلُ ألا انجلَيتَ عن فَلَقِ

طُلتَ ولا صبرَ لي على الأرَقِ

جفا لحاظي التغميض فيك فما

تُطبق أجفانَها على الحدقِ

كأنَني صورةٌ ممثَّلةٌ

ناظرُها الدَّهرَ غيرُ منطبقِ

وقوله:

يرزعُ ورداً ناضراً ناظري

في وَجنَةٍ كالقَمَرِ الطالعِ

أُمنعُ أن أقطفَ أزهارَهُ

في سُنّةِ المتبوع والتَابعِ

فلم منعَم شَفَتي قَطفَها

والحكمُ أن الزرع للزارعِ

قال المقري: وهكذا نسبها له غير واحد كابن سعيد وابن كتيلة، وبعضهم ينسبها للقاضي عبدالوهّاب,, قلت: وقد أجاب عنها بعض المغاربة بقوله:

سَلَّمتُ أنَّ الحكمَ ما قلتمُ

وهو الذي نُصَّ عن الشارعِ

فكيف تبغي شَفَةٌ قَطفَهُ

وغيرُها المدعوُّ بالزارعِ؟!

ورده شيخ شُيُوح شيوخنا الإمام الحافظ أبو عبدالله التَّنَسي ثم التلمساني بقوله:

في ذا الذي قد قلتُمُ مبحثٌ

إذ فيه إيهامٌ على السامعِ

سلَّمتُمُ الحكمَ له مطلقاً

وغَيرُ ذا نُصَّ عن الشارعِ

ويعني أنّه يلزم على قول المجيب أن يباح له النظر مطلقاً، والشرع خلافه.

وأجاب بعض الحنفية بقوله:

لأنَّ أهلَ الحبّ في حكمنا

عبيدنا في شرعنا الواسعِ

والعبدُ لا مِلكَ له عندنا

فحقُّه للسَّيِّدِ المانعِ

وهو جواب حسن لا بأس به,, ورأيت جواباً لبعض المغاربة على غير رَوِيِّهِ، وهو:

قل لأبي الفضل الوزيرِ الذي

باهى به مَغرِبَنا الشرقُ

غرستَ ظلماً وأردت الجنى

وما لعِرق ظالم حقُّ

قلت: وهذا ممّا يُعَيِّن أن الأبيات لأبي الفضل الدارمي المذكور في الذخيرة لا للقاضي عبدالوهاب، والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير