تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر (مقدمة الترجمة العربية)]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[17 - 01 - 08, 12:25 ص]ـ

المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر

تقديم المترجم

قرأت هذا الكتاب لأول مرة منذ ما يقرب من عشرين عاما وقلت حينها إنه واحد من الكتب المتميزة التى لا يصح أن تخلو منها مكتبة أحدنا، ثم مرت السنوات و جرفني تيار البحث العلمي إلى ميدان العلاقة بين إسبانيا والحضارة العربية الإسلامية وصورة المسلم كما يقدمها الأدب الإسلامى القديم والحديث. عندها فطنت إلى أن هذا الكتاب ليس مجرد عمل متميز وإنما له أهمية قصوى بالنسبة للمهتمين بهذه المجالات.

هذا الكتاب – وإن كان عنوانه المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر – يعالج مسيرة الاستعراب الإسبانى منذ بدايتها وحتى السنوات الأولى من القرن العشرين ويمهد الطريق أمام الباحثين الذين يريدون التصدي لموضوع الدراسات العربية فى إسبانيا طوال القرن العشرين و خلال السنوات الحالية وأظن أننا فى حاجة إلى أن يقوم احدنا بمثل هذه الدراسات، فمما لاشك فيه أن جهود المستعربين تؤثر تأثيرا واضحا فى تقديم صورة المسلم فى الأدب.

كتاب مانويلا مانثاناريس يحدثنا عما يمكن أن نسميه ملحمة الاستعراب فى القرن التاسع عشر فقد بذل مستعربوا ذلك القرن - كوندى وغايانغوس و سيرافين كالديرون على وجه التحديد - جهودا جبارة من أجل تأسيس حركة الاستعراب العلمي فى بلدهم. لقد ضحى هؤلاء الرجال بالجهد و المال من اجل هذه المهمة الجليلة: مهمة التعرف على ثقافة الآخر التى كانت – ولا تزال – تشكل جزءا من مكونات الثقافة الإسبانية.

والكتاب يلقى الضوء على قضية مهمة هى قضية الأدب الألخميادو وهو الأدب الذى كتبه مسلمو الأندلس كتبوه بالإسبانية لكن بحروف عربية مما جعل دراسته تستحيل على من لا يجيد العربية والإسبانية معا. كانت الريادة فى مجال دراسة الأدب الألخميادو من نصيب مستعربى القرن التاسع عشر فهم الذين انفقوا من وقتهم وجهدهم ومالهم الكثير من أجل الحصول على مخطوطات ذلك الأدب ثم على نشره ودراسته. كل ذلك مهد الطريق أمام المهتمين بهذه الدراسات فى الوقت الحاضر من أمثال غالميس دي فوينتيس وغيره.

لقد تابع المهتمون بالحضارة العربية الإسلامية و أثرها فى إسبانيا ذلك الجدل الذى دار فى أوائل القرن العشرين بين أميريكو كاسترو وسانشيث البورنوث، فالأول يرى أن إسبانيا مدينة لحضارتنا من عدة جوانب، والثانى يرى أن المسلمين هم السبب الذى أدى إلى تخلف إسبانيا عن بقية بلدان أوروبا. والمطالع لكتاب مانويلا مانثاناريس يكتشف أن الجدل الفكرى لم ينشأ فى القرن العشرين بل فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ولنا أن نضيف هنا أن الجدل لم ينته حتى الآن، فمنذ أقل من ثلاثة أعوام نشر أحدهم كتابا يحاول فيه أن ينفى أى اثر للحضارة الإسلامية فى إسبانيا، ولا نظن أن يقف الأمر عند هذا الحد بل نتوقع صدور المزيد والمزيد من الدراسات حول هذا الموضوع الحيوى بالنسبة لتاريخ إسبانيا وثقافتها. هذا يعنى ببساطة أننا لسنا إزاء كتاب قديم عفا عليه الزمن بل كتاب يعالج – بين أمور أخرى- قضية متجددة.

والكتاب يعالج قضية أخرى معاصرة: إن الجميع يتحدثون الآن عن صورة المسلم كما يراها الأدب الغربى، ومن يتصدى لدراسة صورة المسلم فى الأدب الإسبانى على وجه التحديد سيدرك على الفور ذلك التحول الهائل الذى طرأ عليها. لقد صور أدب العصور الوسطى وأدب العصر الذهبى فى إسبانيا المسلم على أنه يتصف بكل نقيصة. كان المسلم آنذاك بالنسبة لبعض الكتاب شخصا مجهولا، ولم يعرفه الإسبان فى القرنين السادس عشر والسابع عشر إلا فى ميدان الحروب فوصموه – عمدا أو جهلا بحقيقته – بكل الرذائل التى يمكن أن يتصف بها البشر, أما عندما بدأ المستعربون فى دراسة التراث العربى الاسلامى فقد أدركوا أن المسلم – وان كان عدوا فى تلك السنوات- صانع حضارة وصاحب فضل على أوروبا وذو حس مرهف. هذا الاكتشاف انعكس بشكل أو بآخر على صورة المسلم التى تظهر فى الأدب، فقد رأينا فى السنوات الأخيرة من القرن العشرين – وما زلنا نرى – أدبا يقدم وجهة النظر الأخرى: و جهة نظر المسلم فى الأحداث التى عاشتها شبه جزيرة ايبريا. هذا الأدب يظهر فيه المسلم بشكل موضوعى، و هذا اتجاه جديد ومحمود فى أدب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير