تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والرأي، وذلك أن هذين الرجلين كانا قد اطلعا على أخبار الدول الأخرى، وكانت تصل إليهم الجرائد فيطلعان على أوضاع الناس، وعلى تشوف بعض الدول للحرية في ذلك الوقت، ورأيا أن المستعمر ليس له مستقبل مستمر في استعمار البلاد والبقاء فيها، أما غيرهما من العلماء فقد رأوا أن هذا المستعمر الكافر يجب جهاده بكل ما يملكه أهل هذه البلاد من قوة، وأنه لا يمكن أن يصمد أمام قوة لا إله إلا الله، محمد رسول الله. ودعا إلى الجهاد الشيخ ...... وكذلك الشيخ محمد العاقب بن معيابا، وقام الجهاد في سبيل الله تعالى، وكانت عدتهم بسيطة جداً، وكان عدد أهله قليلاً جداً، ومع هذا وقف في وجه المستعمر وقفات عجيبة! وأنال الله تعالى به -الذين سعوا إليه- عزاً عجيباً! وهذا يدلنا على أن الرأي والصواب كان مع هؤلاء، ولذلك فإن محمد العاقب بن معيابا لما أرسل أرجوزته لأهل البلاد التي خضعت للمستعمر، أوجب فيها عليهم أحد أمرين: قال: أنتم بين قوي وضعيف، فالضعيف تجب عليه الهجرة، والقوي يجب عليه الجهاد، ولا عذر لكم في غير هذين الأمرين، وهي التي يقول في مقدمتها: مني إلى من في حمى المكبل والمكبل: يقصد به في ذلك الوقت كابولاني، وهو القائد النصراني في ذلك الوقت، يقول: مني إلى من في حمى المكبل من ...... لما وراء العقل وأعيذكم بالله من فضيحة الدنيا ومن رأيكم المفيل إلى أن يقول في وصف النصارى: خيبتهم لخوبا والكبت لكابتين والتكبيل للمكبل ودعاهم في القصيدة للجهاد في سبيل الله، فقاموا بغارات شهدت توفيقاً عجيباً! وانتصروا فيها وغنموا، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر الذي أخرجه أبو داود وأحمد في المسند والحاكم في المستدرك والبيهقي وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، وأخذتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد: سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، والمقصود بدينكم هنا: الذي يطلب منكم الرجوع إليه وهو الجهاد في سبيل الله، انظروا إلى قوله: (وتركتم الجهاد) هذا هو الدين المتروك، (سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم) معناه: حتى ترجعوا إلى الجهاد في سبيل الله. والجهاد وحده هو الذي تكفل الله تعالى لمن قام به بالهداية في آيتين من كتابه، فالله تعالى يقول في خواتيم سورة العنكبوت: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69]، ويقول في سورة محمد: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ [محمد:4 - 6]. فهذا ضمان من رب العزة والجلال القادر المقتدر على نصرة من جاهد في سبيله، وعلى هدايته إلى سواء الطريق.

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[28 - 01 - 08, 12:13 م]ـ

بعد هاتين التجربتين جاءت تجارب متفاوتة، وجاءت دعوات فردية، قام بها بعض العلماء في فترات وحقب تاريخية متفاوتة، دعوا لإعادة هذه الخلافة وهذه الدولة على ما كانت عليه، فمن هؤلاء مثلاً: مختار الكنسي، الذي دعا لإقامة خلافة راشدة، ولكن الوقت لم يساعده في بلده، مع أنه كان يرى من نفسه القوة على ذلك، وكان يساعد المظلومين بتسيير الجيوش لنصرتهم، ولكنه على الأقل استطاع أن يقيم دولة خارج الحدود، وهي دولة عثمان فوجي التي قامت في نيجيريا، فعثمان فوجي هذا كان من تلامذة المختار الكنسي، وهو الذي بعثه ليقيم دولة الإسلام في تلك البلاد، فأقامها وما زالت آثارها إلى وقتنا هذا، وكانت تطبق الحدود، وتغزو في سبيل الله وتجاهد، وفيها تعلم الحاج عمر طال الذي جاء إلى هذه البلاد، وحاول إقامة دولة إسلامية. وكذلك الأمير عبد القادر الفوتي، وهو من قبيلة الهلان، قام في فوتا، فدعا لإقامة دولة الإسلام من جديد، وساعده رجال متفاوتون، واستجلب العلماء من مختلف المناطق، فلما أتى إليه بعض أهل العلم أقام الحجة على أهل تلك البلاد، وجاهد في سبيل الله تعالى، وطبق الحدود؛ ولذلك يقول الشيخ محمد المامي رحمه الله تعالى: لله در الأمير عبد القادر! فلقد شهدته ضحوة في فوتا يقطع أيدي السراق، ويقيم الحدود على الزناة. فالأمير عبد القادر أقام دولة لم يكتب لها البقاء كثيراً، ولكنها هي التي بنى على أنقاضها الحاج

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير