تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عشت أتملى - في ظلال القرآن - ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع النظيف للوجود .. لغاية الوجود كله، وغاية الوجود الإنساني .. وأقيس إليه تصورات الجاهلية التي تعيش فيها البشرية، في شرق وغرب، وفي شمال وجنوب .. وأسأل .. كيف تعيش البشرية في المستنقع الآسن، وفي الدرك الهابط، وفي الظلام البهيم وعندها ذلك المرتع الزكي، وذلك المرتقى العالي، وذلك النور الوضيء؟

وعشت - في ظلال القرآن - أحس التناسق الجميل بين حركة الإنسان كما يريدها الله، وحركة هذا الكون الذي أبدعه الله .. ثم أنظر .. فأرى التخبط الذي تعانيه البشرية في انحرافها عن السنن الكونية، والتصادم بين التعاليم الفاسدة الشريرة التي تملى عليها وبين فطرتها التي فطرها الله عليها. وأقول في نفسي: أي شيطان لئيم هذا الذي يقود خطاها إلى هذا الجحيم؟ يا حسرة على العباد!!!

وعشت - في ظلال القرآن - أرى الوجود أكبر بكثير من ظاهره المشهود .. أكبر في حقيقته، وأكبر في تعدد جوانبه .. إنه عالم الغيب والشهادة لا عالم الشهادة وحده. وإنه الدنيا والآخرة، لا هذه الدنيا وحدها .. والنشأة الإنسانية ممتدة في شعاب هذا المدى المتطاول كله إنما هو قسط من ذلك النصيب. وما يفوته هنا من الجزاء لا يفوته هناك. فلا ظلم ولا بخس ولا ضياع. على أن المرحلة التي يقطعها على ظهر هذا الكوكب إنما هي رحلة في كون حي مأنوس، وعالم صديق ودود. كون ذي روح تتلقى وتستجيب، وتتجه إلى الخالق الواحد الذي تتجه إليه روح المؤمن في خشوع: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال .. تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده .. أي راحة، وأي سعة وأي أنس، وأي ثقة يفيضها على القلب هذا التصور الشامل الكامل الفسيح الصحيح؟

وعشت - في ظلال القرآن - أرى الإنسان أكرم بكثير من كل تقدير عرفته البشرية من قبل للإنسان ومن بعد .. إنه إنسان بنفخة من روح الله: فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين .. وهو بهذه النفخة مستخلف في الأرض: وإذ قال ربك للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة .. ومسخر له كل ما في الأرض: وسخر لكم ما في الأرض جميعا .. ولأن الإنسان بهذا القدر من الكرامة والسمو جعل الله الآصرة التي يتجمع عليها البشر هي الآصرة المستمدة من النفخة الإلهية الكريمة. جعلها آصرة العقيدة في الله .. فعقيدة المؤمن هي وطنه، وهي قومه، وهي أهله .. ومن ثم يتجمع البشر عليها وحدها، لا على أمثال ما تتجمع عليه البهائم من كلأ ومرعى وقطيع وسياج! ..

والمؤمن ذو نسب عريق، ضارب في شعاب الزمان. إنه واحد من ذلك الموكب الكريم، الذي يقود خطاه ذلك الرهط الكريم: نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ويعقوب ويوسف، وموسى وعيسى، ومحمد .. عليهم الصلاة والسلام .. وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون .. هذا الموكب الكريم، الممتد في شعاب الزمان من قديم، يواجه - كما يتجلى في ظلال القرآن - مواقف متشابهة، وأزمات متشابهة، وتجارب متشابهة على تطاول العصور وكر الدهور، وتغير المكان، وتعدد الأقوام. يواجه الضلال والعمى والطغيان والهوى، والاضطهاد والبغي، والتهديد والتشريد. ولكنه يمضي في طريقه ثابت الخطو، مطمئن الضمير، واثقا من نصر الله، متعلقا بالرجاء فيه، متوقعا في كل لحظة وعد الله الصادق الأكيد: وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا. فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الأرض من بعدهم. ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد .. موقف واحد وتجربة واحدة. وتهديد واحد. ويقين واحد. ووعد واحد للموكب الكريم .. وعاقبة واحدة ينتظرها المؤمنون في نهاية المطاف. وهم يتلقون الاضطهاد والتهديد والوعيد.)

كم حري بنا تأمل هذا الكلام وان لا يغيب عنا،ودراسة القرآن من خلاله والإحساس هو الأساس فمن لا يوجد عنده محل قابل كيف للقرآن أن يبزغ فيه ويشع نوره؟؟؟ فلا بد أن يتفرغ من الأضداد والأنداد وكما قال ابن عطاء الله: (كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآتهِ، أم كيف يرحلإلى الله وهو مكبَّلٌ بشهواتهِ، أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله، وهو لم يتطهَّر من جنابةِ غفلاته، أم كيف يرجو أن يفهمدقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته)

وبتفرغه مما سبق وبمعيشته تحت القرآن وتفيئه في ظلاله يرجى ان يوجد عنا ذلك التفسير المنشود الذي يستنهض العزائم ويحرك الوجدان ويقلب الكون على صيغة القرآن.

ـ[مالك العبيدي]ــــــــ[01 Aug 2010, 02:21 ص]ـ

الحقيقة انه من الجميل ان نجد لهذا الموضوع قراء ولكن الأجمل منه لو كتب اهل الإختاص الطرق العملية لتفسير عصري وتنزيل النصوص على وقائعها والكيفية والأسلوب الصياغي والأمثلة على ذلك وكيفية معالجة الآيات ... وواحد مثلي بضاعته مزجاة يكتب وليس في كلامه خطأ فيعقب عليه وهو يكتب في أمر مهم كهذا فعلى الأقل شيئا من التسديد والإرشاد فنريد كتاباتكم وأقلامكم لانني احب ان ادل على وجه القراءة التي تلمحك الواقع وطريقة تأديتها وأسلوبها وأريد سماع شتا وجهات النظر في هذا السياق .. أفلا يستحق الموضوع هذا؟؟؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير