[نظرة تفسيرية ... واقع يؤيد واعجاز يستمر]
ـ[مثنى الزيدي]ــــــــ[01 Aug 2010, 02:50 ص]ـ
هذه اشارة وجدتها من خلال تدبري لسورة المجادلة ... ونظرتي للواقع.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (14) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (15) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (16) لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ (18) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)} [المجادلة: 14 - 22]
بدأت الآيات تتكلم مع النبي صلى الله عليه وسلم وتعلن أن الذين يتولون اليهود هم منافقون ليسوا منكم ولا من اليهود، وتابعت الكلام عن صفاتهم لئلا يتصف بهم أهل الأيمان،فماذا فعل المنافقون؟ فالمنافقون تولوا اليهود، وصادقوهم، وناصروهم، وواعدوهم بالنصرة، فالآية في شأن المنافقين، ألم تر إلى هؤلاء المنافقين الذين تولوا وناصروا وآزروا قوماً غضب الله عليهم وهم اليهود؟ وقد وسم اليهود بأنهم مغضوب عليهم في عدة آيات من القران الكريم اولها ايات الفاتحة.
ثم ان من صفاتهم ايضا انهم لايوالون المؤمنين ويتبرون من اعدائهم قال تعالى: مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ أي: المنافقون الذين تولوا اليهود ليسوا منكم وليسوا من اليهود، هذا قول قتادة رحمه الله تعالى، كما وصفهم الله بقوله مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ.
لكن الذي يتصف بهذا والعياذ بالله فان موعده اليم، حيث اعلن تعالى وقال: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، أي: ساء هذا الفعل وساء هذا الصنيع.
فالآية إذاً ذمت كل من يتولى اليهود، ويلحق بهم كل من يتولى الكفار أو النصارى ويناصرهم، ويؤازرهم، وقد تضافرت نصوص الكتاب والسنة على ذلك.
وهنا لاحضت شيئا مهما وامرا غريبا وكأن القران الكريم يعيش بيننا، كيف لا وهو المعجزة الصالحة لكل زمان ومكان،لكل وقت وحين، الامر الغريب هو ان الله ذكر ثلاثة اشياء في ثنايا كلامه عن تولي المشركين ولم يذكر غير هذه الامور الثلاثة وهذه الثلاثية المكونة لمثلث الولاء في سورة المجادلة هي: الاموال – الاولاد – الاحزاب
{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (17)} [المجادلة: 17]، الاموال، والاولاد.
لم قال الاموال والاولاد اولا؟ لم؟ ارى والله تعالى اعلم ان اهم سبب في فقدان الولاء لله اولا هي الاموال، وخصوصا هؤلاء الذين ضعف ايمانهم وتزعزت عقيدتهم، وهذا رايناه بام اعيننا، فباتت الولاءات والذمم والضمائر بل وحتى العقائد تشترى بالاموال، من اجل تحقيق هدف المشتري، سواء علم البائع او جهل، وهذا واقع اليوم في بلادنا نراه بام اعيننا.
ثم ان السبب الثاني في فقدان الولاء لله هم الولدان ولم يقل الله الرجال، الولدان،الشباب، الصغار، الذين وان بلغوا الحلم ربما لم يبلغوا الرشد، رشد العقول، رشد العقيدة، رشد الثبات.
فيكون الشباب اسهل من غيرهم للاغراء ولحب الشهوات والاموال والرواتب والسيارات والمناصب والكراسي والسلطة والهيبة والمكانة والظهور والتسلط، وهذا ما رايناه بل هو الذي يحصل الآن، والله المستعان.
ولهذا ذكر تعالى الاولاد، فاياكم ايها الاولاد؟ اياكم ايها الاباء؟ انتبهوا لاولادكم وشبابكم، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته كما قال المصطفى عليه صلوات ربي.
ونتابع لنقف عند السبب الثالث لفقدان الولاء لله من خلال هذه الايات الكريمة الا وهو الاحزاب وما ادراك ما الاحزاب؟ سبحان الله، ماذا فعلت الأحزاب؟، للعراق دمرت، وللدماء سفكت، وللشباب قتلت،وللاعراض انتهت، وللاموال سرقت، ولأهل الإيمان عادت، وبالصادقين طعنت، وبالمؤمنين مثلت، وللخيرات هدرت، وللمسلمين فرقت،وللوحدة مزقت، وللشمل شتتت، وبالسجون ألقت، وللموحدين عذبت، وللاعداء ذلت.
نعم لم يفلحوا اخوة الايمان ولذلك ذكر الله ما ثلث به تحذيرا وانذارا فقال جل شانه: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة: 19] فالاحزاب هي من يعين على كل الخراب، وهي من يعين على ضعف الولاء والبراء من الاعداء، الا حزب واحد، مقره القرآن الذي في الصدور، وشعاره الاسلام، وعلمه الايمان، فلنرفعه في قلوبنا اولا، ثم شعارنا في الحياة ثانيا.