تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المعالم المنهجية الكبرى في تفسير سيد قطب]

ـ[بودفلة فتحي]ــــــــ[13 Aug 2010, 04:44 م]ـ

المعالم المنهجية الكبرى التي تميّز بها تفسير الظلال عن غيره من التفاسير

أوّلا: التعامل مع النص القرآني مباشرة دون مقررات سابقة ومحاولة تجنب كلّ ما من شأنه حجب روح القرآن وحقيقته عن القارئ:

المقصود بهذا المعلم أنّه عليه رحمة الله قد جعل من القرآن ذاته مصدره الأول ويكاد يكون الأوحد إذ لا يعود لغيره إلاّ لأجل الاحتجاج والتوثيق هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّه قد تجنب الخوض في المباحث اللغوية والكلامية والفقهية لا لشيء إلاّ ليبقى اتصاله بالنص القرآني مستمرا وحتى لا يمنع ذلك كله من التلقي المباشر والصحيح لروح القرآن وأهدافه وتوجيهاته ... 1

يقول الدكتور الخالدي: "وقد كان سيد حريصا على بيان هذا بعبارات صريحة اعتقادا منه بأهمية معرفته عند القراء , حتى يدركوا سرّ تعامله مع القرآن , ونجاحه في استخراج كنوزه وصوابية أفكاره , وقرآنية خواطره ونظراته واستدلالاته ونتائجه التي خرج بها , وحتى يعرفوا كيفية فهم القرآن , ويقفوا على مفتاح التعامل معه."2

يقول سيد عليه رحمة الله في مقدمة الطبعة الأولى: ""كل ما حاولته ألا أُغرِق نفسي في بحوث لغوية أو كلامية أو فقهية تحجب القرآن عن روحي، وتحجب روحي عن القرآن" (2).

يقول في مقدمة كتابه القيم "خصائص التصور الإسلامي ومقوماته": (منهجنا إذن في هذا البحث عن "خصائص التصور الإسلامي ومقوماته" أن نستلهم القرآن الكريم مباشرة - بعد الحياة في ظلال القرآن طويلاً - وأن نستحضر - بقدر الإمكان الجو الذي تنزلت فيه كلمات الله للبشر، والملابسات الاعتقادية والاجتماعية السياسية، التي كانت البشرية تتيه فيها وقت أن جاءها هذا الهدى، ثم التيه الذي ضلت فيه بعد انحرافها عن الهدي الإلهي!.

ومنهجنا في استلهام القرآن الكريم، ألا نواجهه بمقررات سابقة إطلاقًا لا مقررات عقلية ولا مفردات شعورية - من رواسب الثقافات التي لم نَسْتَقِهَا من القرآن ذاته - نحاكم إليها نصوصه، أو نستلهم معاني هذه النصوص وفق تلك المقررات السابقة لقد جاء النص القرآني ــ ابتداء ــ لينشء المقررات الصحيحة التي يريد الله أن تقوم عليها تصورات البشر , وأن تقوم عليها حياتهم. وأقلّ ما يستحقه هذا التفضل من العلي الكبير, وهذه الرعاية من الله ذي الجلال ــ وهو الغني عن العالمين ــ أن يتلقوها وقد فرغوا لها قلوبهم وعقولهم من كل غبش دخيل , ليقوم تصورهم الجديد نظيفا من كل رواسب الجاهليات ــ قديمها وحديثها على السواء ــ مستمدا من تعليم الله وحده. لا من ظنون البشر , التي لا تغني من الحق شيئا!

ليست هناك إذا مقررات سابقة نحاكم إليها كتاب الله تعالى. إنما نحن نستمد مقرراتنا من هذا الكتاب ابتداء , ونقيم على هذه المقررات تصوراتنا ومقرراتنا! وهذا ــ وحده ــ هو المنهج الصحيح , في مواجهة القرآن الكريم , وفي استلهامه خصائص التصور الإسلامي ومقوماته.اهـ) 3.

يقول الأستاذ وصفي عاشور أبو زيد 4: " حين نتحدث عن منهج "في ظلال القرآن" فإننا أمام تجربة جديدة، ومنهج متفرد في النظر إلى القرآن الكريم، وفهمه، وإدراك أسراره، والحِكَم التي نُزِّل من أجلها القرآن.

تجربة فريدة من نوعها لا نكاد نجد لها نظيرًا في تاريخ التفسير على الرغم من التضخم الذي حظي به تاريخ القرآن في تفسيره، واستكناه حقائقه.

إنه الالتحام المباشر بالقرآن الكريم، والرجوع إليه وحده، والعيش في ظلاله دون أن يحول بينه وبين هدايته قضايا كلامية، أو بحوث فقهية، أو مجادلات فلسفية، أو تعصبات مدرسية، أو رموز باطنية، أو إيحاءات صوفية، أو تفاصيل لغوية ونحوية وبلاغية وإعجازية. " اهـ5

* ونقف ها هنا لنسجل ملاحظة مهمة ألا وهي أنّ هذه المنهجية في التعامل مع النصوص الشرعية لم تكن من إحداث سيد قطب بل هي منهج سلفي قديم اعتراه كثير من الغبش والركام بمرور الزمن وآثار تفاعل المسلمين مع باقي حضارات وثقافات العالم ولعل من أشهر من نبّه إليه في العصر الحديث هو الشيخ محمد عبده حيث قال: ""إن الله تعالى لا يسألنا يوم القيامة عن أقوال الناس وما فهموه، وإنما يسألنا عن كتابه الذي أنزله لإرشادنا وهدايتنا، وعن سنة نبيه الذي يبين لنا ما أنزل إلينا" (1).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير