[بعض الغرائب والعجائب التي رواها ابن جرير في تفسيره]
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[21 Aug 2010, 05:33 م]ـ
منها - وهو داخل في رواية الاسرائيليات - ما رواه في تفسير قوله تعالى: أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة
فقد قال رحمه الله:
حدثني علي بن سهل قال، حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال، حدثنا أبو همام قال، حدثنا كثير أبو الفضل، عن مجاهد قال: كان فيمن كان قبلكم امرأة، وكان لها أجيرٌ، فولدت جارية. فقالت لأجيرها: اقتبس لنا نارًا، فخرج فوجد بالباب رجلا فقال له الرجل: ما ولدت هذه المرأة؟ قال: جارية. قال: أما إنّ هذه الجارية لا تموت حتى تبغي بمئة، ويتزوجها أجيرها، ويكون موتها بالعنكبوت. قال: فقال الأجير في نفسه: فأنا أريد هذه بعد أن تفجر بمئة!! فأخذ شفرة فدخل فشق بطن الصبية. وعولجت فبرِئت، فشبَّت، وكانت تبغي، فأتت ساحلا من سواحل البحر، فأقامت عليه تبغي. ولبث الرجل ما شاء الله، ثم قدم ذلك الساحل ومعه مال كثير، فقال لامرأة من أهل الساحل: ابغيني امرأة من أجمل امرأة في القرية أتزوجها! فقالت: ههنا امرأة من أجمل الناس، ولكنها تبغي. قال: ائتيني بها. فأتتها فقالت: قد قدم رجل له مال كثير، وقد قال لي: كذا. فقلت له: كذا. فقالت: إني قد تركت البغاء، ولكن إن أراد تزوَّجته! قال: فتزوجها، فوقعت منه موقعًا. فبينا هو يومًا عندها إذ أخبرها بأمره، فقالت: أنا تلك الجارية! وأرته الشق في بطنها وقد كنت أبغي، فما أدري بمئة أو أقل أو أكثر! قال: فإنّه قال لي: يكون موتها بعنكبوت.
قال: فبنى لها برجًا بالصحراء وشيده. فبينما هما يومًا في ذلك البرج، إذا عنكبوت في السقف، فقالت: هذا يقتلني؟ لا يقتله أحد غيري! فحركته فسقط، فأتته فوضعت إبهام رجلها عليه فشدَخَتْه، وساحَ سمه بين ظفرها واللحم، فاسودت رجلها فماتت.
فنزلت هذه الآية:"أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة". أهـ
ولا يخفى على ابن جرير رحمه الله أن القصة لو صحت أصلا لا يمكن ان تكون سببا لنزول هذه الآية، فشيء مضى وانتهى لا يمكن أن يكون السبب المباشر لنزول آية كريمة.
كما أننا لا نستطيع أن نقول إن سبب نزول سورة الفيل هو غزو أبرهة للكعبة المشرفة.
ومع هذا فإن ابن جرير يورد مثل هذا ولا يعقب بشيء اعتمادا على تمييز القارئ الحصيف لما يقرأ، إذ أن كتابه هذا مصنف لأهل العلم وليس للعوام.
وإن شاء الله إذا مر بي في مطالعاتي - في هذا الشهر الفضيل - رواية اخرى من الغرائب والعجائب التي يوردها ابن جرير انقلها هنا، والمرجو من الاخوة ممن يستذكر مثل هذه الروايات ان ينقلها هنا للفائدة.
وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وجعلنا من عتقائه من النيران، آمين.
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[21 Aug 2010, 05:49 م]ـ
- وأعجبني هنا ليس من باب العجائب التي عنونت بها المقال -.
ولكنه فصل محرر وقاعدة في التعامل مع الناسخ والمنسوخ، ذكر ذلك ابن جرير في تفسير آية الدين.
فإنه ذكر اختلاف السلف في وجوب الكتابة بين المتداينين ووجوبها كذلك على الكاتب.
قال رحمه الله:
وقد اختلف أهل العلم في وجوب الكتاب على الكاتب إذا استكتب ذلك، نظير اختلافهم في وجوب الكتاب على الذي له الحق.
فذكر أن بعضهم أوجبها، وبعضهم زعم أنها منسوخة وقال هذا الزاعم: كل ما في هذه الآية من الأمر بالكتابة والإشهاد والرهن منسوخ بالآية التي في آخرها ..
وذكر عن بعضهم أنها - اي الكتابة - على الوجوب حال فراغ الكاتب ..
ثم قال رحمه الله:
والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الله عز وجل أمر المتداينين إلى أجل مسمى باكتتاب كتب الدين بينهم، وأمر الكاتب أن يكتب ذلك بينهم بالعدل، وأمر الله فرض لازم، إلا أن تقوم حجة بأنه إرشاد وندب. ولا دلالة تدل على أن أمره جل ثناؤه باكتتاب الكتب في ذلك، وأن تقدمه إلى الكاتب أن لا يأبى كتابة ذلك، ندب وإرشاد، فذلك فرض عليهم لا يسعهم تضييعه، ومن ضيعه منهم كان حرجا - أي آثما - بتضييعه.
¥