[تاريخ من الانحراف في تفسير القرآن]
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[04 Aug 2010, 02:28 ص]ـ
[تاريخ من الانحراف في تفسير القرآن]
الحمدُ لله تعالى، والصلاة والسلام على رسوله محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وآله وأصحابه، ومَن تبعِهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
أما بعد:
فهذه لمحةٌ إجمالية عن وجوبِ وضرورة اتِّباع القرآن، والإيمان بمُحْكَمه ومتشابهه، وبيان بعضٍ مِن الصور التاريخية لانحرافِ كثير من الفِرَق عن الفَهْم الصحيح للقرآن وتفسيره، وكذلك انحرافهم عن منهجِ الاستدلال الصحيح لدَى أهْل النفسير والقُرآن؛ ممَّا أدَّى إلى انحِراف هؤلاء في العقيدة والعِبادة والفِكْر والعمل.
أولاً: وجوب الإيمان بالقرآن مُحْكَمه ومتشابهه، والوقوف على التفسير الصحيح لمعانيه:
إنَّ القرآن كتابُ الله تعالى المنزَّل، وبيانه المُحْكَم، وصراطه المستقيم، عِصمة لِمَن اتَّبعه، وهداية لمَن آمن به وصدَّقه، وإنَّ من المسلَّمات الإيمانية، والمعالِم الشرعية، أنَّ القرآن مُحكمٌ ومتشابِه، ولكلِّ نوعٍ صُورُه وأمثلته، والواجب في ذلك على المسلِم الإيمانُ والتسليم به، وردُّ المتشابه منه إلى المحْكَم، كما نصَّ الله تعالى في كتابه: ? هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ * رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ? [آل عمران: 8 - 7].
ولا يُمكنِنا أن نتكلَّم هنا على هذه الآية الكريمة إلا بالوقوفِ على بعض أقوال المفسِّرين؛ ليتجلَّى لنا مرادُ الله تعالى من قولِه.
قال ابن كثير الدمشقي - رحمه الله - في تفسيره: "يُخبِر تعالى أنَّ في القرآن آياتٍ محكَمات هُنَّ أمُّ الكتاب؛ أي: بيِّنات واضحات الدلالة، لا الْتباسَ فيها على أحد من الناس، ومنه آيات أُخَر فيها اشتباهٌ في الدلالة على كثيرٍ من الناس أو بعضهم، فمن ردَّ ما اشتبه عليه إلى الواضِح منه، وحَكَّم محكَمه على متشابهه عندَه، فقد اهتدَى، ومَن عكس انعَكَس؛ ولهذا قال - تعالى -: ? هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ? أي: أصْلُه" [1] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24134/#_ftn1).
وقال السعديُّ - رحمه الله - في تفسيرها: "القرآنُ العظيم كلُّه مُحكَم؛ كما قال - تعالى -: ? كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ? [فصلت: 3]، فهو مشتملٌ على غاية الإتقان والإحْكام والعدل والإحسان، ? وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ? [المائدة: 50]، وكلُّه متشابهٌ في الحُسْن والبلاغة، وتصديق بعضه لبعضه، ومطابقته لفظًا ومعنًى، وأمَّا الإحْكام والتشابه المذكور في هذه الآية، فإنَّ القرآن كما ذكَرَه الله ? مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ?؛ أي: واضحات الدلالة، ليس فيها شُبهة ولا إشكال ? هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ ?؛ أي: أصْله الذي يَرجع إليه كلُّ متشابه، وهي مُعظَمُه وأكثره، {وَ} منه آيات ? أُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ?؛ أي: يلتبس معناها على كثيرٍ من الأذهان؛ لكونِ دَلالتها مُجْملة، أو يتبادر إلى بعضِ الأفهام غيرُ المراد منها.
فالحاصِل: أنَّ منه آياتٍ بينةً واضِحة لكلِّ أحد، وهي الأكثرُ التي يرجع إليها، ومنه آيات تُشْكِل على بعض الناس، فالواجب في هذا أن يُردَّ المتشابه إلى المحْكَم، والخَفي إلى الجلِّي، فبهذه الطريق يُصدِّق بعضه بعضًا، ولا يحصل فيه مناقضَة ولا معارَضة" [2] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/24134/#_ftn2).
الحِكْمة مِنَ اشتمال القرآن على المحكَم والمتشابه:
¥