[موقف مدرسة مكة من المعرب في القرآن الكريم]
ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[20 Aug 2010, 06:37 م]ـ
موقف مفسري مدرسة مكة من المعرب في القرآن.
لعله من نافلة القول التأكيد على تمكن علماء مدرسة مكة من البيان اللغوي للقرآن، وكذا معرفة أصول الألفاظ ودلالتها، فهذا لا يخفى على مطلع في نصوص التراث التفسيري، وخصوصا الحبر عبد الله بن عباس.
إذ كثيرا ما كانوا يرجعون الكلمة الى أصلها والاشارة الى ذلك أثناء التفسير، وهذا مبحث فيه خلاف بين علماء القرآن، بين مانع ومثبت، والأكثرون على عدم وقوع المعرب في القرآن، ويستدلون لهذا بالآيات التي يستفاد منها أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، ولم يتسرب إليه لغة غير عربية مثل قوله تعالى: " قرآنا عربيا " (يوسف/2.). وقوله:" ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته آعجمي وعربي " (فصلت/44). وما أكثر الآيات القرآنية الناطقة بنزوله بلسان عربي مبين.
أ-القائلون بعدم وقوع المعرب في القرآن:
ومن هؤلاء العلماء الذين يقولون بعدمه: محمد بن ادريس الشافعي "ت:204هـ، حيث قال:" وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه لكان الامساك أولى به، وأقرب من السلامةله، فقال قائل منهم:" إن في القرآن عربيا وعجميا، والقرآن يدل على أنه ليس في كتاب الله شيء إلا بلسان العرب، ووجد قائل هذا القول من قبل ذلك منه تقليدا له وتركا للمسألة له عن حجته ومسألة غيره ممن خالفه وبالتقليد أغفل من أغفل منهم، والله يغفر لنا ولهم". [1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)
ولذلك قال السيوطي:" وقد شدد الشافعي النكير على القائلين بوجود المعرب في القرآن" [2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2)
كما ذهب أبو عبيد (ت:222هـ) فيما حكاه ابن فارس:"إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول ومن زعم أن كذا بالنبطبة فقد أكبر القول". [3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)
ومنهم ابن فارس (329/ 395هـ)، وهو الذي قال في معنى قول ابي عبيدة " فقد أكبر القول " أتى بأمر عظيم، ثم استدل لهذا وقال:" وذلك أن القرآن لو كان فيه من غير لغة العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الاتيان بمثله، لأنه أتى بلغات لا يعرفونها، وفي ذلك ما فيه، وإن كان كذلك فلا وجه لقول من يجيز القراءة في الصلاة بالفارسية، لأنها ترجمة غير معجزة، وإذا جاز ذلك لجازت الصلاة بكتب التفسير، وهذا لا يقول به أحد ". [4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4)
ومنهم محمد بن جرير الطبري (ت:310هـ،) الذي قال: " ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ القرآن أنه بالفارسية أو بالحبشية أو بالنبطية أو نحو ذلك، إنما اتفق فيها توارد اللغات. فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد، وحكاه ابن فارس عن ابي عبيدة. [5] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5)
ومنهم ابو محمد بن عبد الحق ابن عطية (481/ 542هـ) الذي قال:" ... بل كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالظة لسائر الألسن بتجارات، وبرحلتي قريش، وبسفر مسافرين كسفر أبي عمرو الى الشام، وسفر عمر بن الخطاب، وسفر عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد الى أرض الحبشة، وسفر الأعشى الى الحيرة وصحبته لنصاراها، مع كونه حجة في اللغة، فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية، غيرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت في تخفيف ثقل العجمة، واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها، حتى جرت مجرى العربي الفصيح، ووقع بها البيان.
وعلى هذا الحد نزل بها القرآن، فإن جهلها عربي فهو مثل جهله الصريح بما في لغة غيره، كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر وغير ذلك.
فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية، لكن استعملتها العرب وعربتها، فهي عربية بهذا الوجه، وما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة فذلك بعيد، بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر، لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاقات إلا قليلا شاذا ". [6] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6)
¥