تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[النص الأثري التفسيري ومنهاج قراءته بين الموجود والمقصود]

ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[19 Aug 2010, 02:26 ص]ـ

النص الأثري التفسيري ومنهاج قراءته

بين الموجود والمقصود.

بسم الله الرحمان الرحيم، وبحمد الله أستعين وعلى نبينا محمد أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

وبعد

لا يكاد التاريخ يعرف أمة من الأمم عنيت بكتاب ربها كما عرف ذلك للأمة الاسلامية، فمن يوم نزل القرآن غضا طريا على قلب النبي محمد) صلى الله عليه وسلم) والأمة قائمة على العناية به، فمن حفظ في الصدور، إلى كتابته في السطور، إلى فهم لمعناه واستكناه له، وكشف عن أسراره وغوص، على درره وعجائبه التي لا تنقضي.

ولم يكن هم سلف الأمة من القرآن الكريم حفظ لفظه فحسب، بل كانت غايتهم العظمى تدبره والعمل بكل ما جاء به، فقد كانوا ينظرون إلى القرآن على أنه كتاب هداية وإرشاد، يطهر القلوب ويزكي النفوس ويثقف العقول ويهدي للتي هي أقوم، فلا هداية تداني هدايته، ولا صلاح للبشرية بدون الأخذ بأحكامه وآدابه.

وبهذا أمكن لسلف الأمة أن يكونوا مدينة فاضلة ذكراها شذى يتضوع، وأن يسودوا العالم في أقل من قرن ..

ومن البدهي أن العمل بالقرآن والاهتداء بهديه في العقائد الصحيحة والأحكام السامية والآداب العالية لن يكون إلا بعد فهمه والوقوف على ما حوى من نصح ورشد، وهذا لا يتحقق إلا بعد الكشف والبيان لما تدل عليه ألفاظه، وهو ما يعرف بعلم " تفسير القرآن ".

وإذا كان الصحابة على ما كانوا عليه من سليقة عربية سليمة وما رزقوا من مواهب عقلية قلبية، وماسمعوا وشاهدوامن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قداحتاجوا إليه في تفسيركثير من آيات القرآن ومعرفة المراد منها، فما أحوج المسلمين بعدهم إلى معرفة التفسير، لاسيما في العصور التي فسدت فيها ملكة البيان العربي، وتلاشت فيها خصائص العروبة.

وقد قيض الله سبحانه وتعالى لكتابه القرآن العظيم من الصحابة والتابعين ومن تبعهم إلى يومنا هذا علماء أجلاء وأئمة فضلاء تركوا لنا في تفسيره ثروة قيمة، بما رووه عن صاحب الرسالة وما استنبطوه بعقولهم الصائبة وأذواقهم المرهفة.

ثم حمل هذاالعلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين [1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)، فكان من ذلك تراث لايحصى من نتاج العقلية الاسلامية لاتزال تفاخربه على مرالدهور.

وقد نوه أئمة الدين بفضل هذا العلم وشرفه، حيث قال سعيد بن جبير: " من قرأ القرآن ثم لم يفسره كان كالأعمى ... ". [2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2).

وقال إياس بن معاوية: " مثل الذين يقرأون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح، فتداخلتهم روعة ولا يدرون ما في الكتاب، ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرأوا ما في الكتاب." [3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3). وقال السيوطي رحمه الله: " وقد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات وأجل العلوم الشرعية " [4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4).

وقال الأصبهاني:." ... وبيان ذلك أن شرف الصناعة إما بشرف موضوعها مثل الصياغة، فإنها أشرف من الدباغة، لأن موضوع الصياغة؛ الذهب والفضة وهما أشرف من الدباغة الذي هو جلد الميتة، وإما بشرف غرضها مثل صناعة الطب، فإنها أشرف من صناعة الكناسة، لأن غرض الطب إفادة الصحة، وغرض الكناسة تنظيف المستراح، وإما لشدة الحاجة إليها كالفقه، فإن الحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الطب، إذ ما من واقعة من الكون في أحد من الخلق إلا وهي مفتقرة إلى الفقه، لأن به انتظام صلاح أحوال الدنيا بخلاف الطب، فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات، إذا عرف ذلك؛ فصناعة التفسير قد حازت الشرف من الجهات الثلاث، أما من جهة الموضوع، فلأن موضوعه كلام الله الذي هو ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه، وأما من جهة الغرض منه، فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى، وأما من جهة شدة الحاجة إليه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير