[كيف نوفق بين القول أن الزكاة فرضت في المدينة وبين ورود ذكرها في السور المكية؟]
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[18 Aug 2010, 02:17 م]ـ
[كيف نوفق بين القول أن الزكاة فرضت في المدينة وبين ورود ذكرها في السور المكية؟]
تمهيد
الصدقة قبل الإسلام
كان خُلُق الصدقة متفشياً في قريش قبل الإسلام حيث أن الصدقة والكرم والجود كان يتميز بها العرب قبل الإسلام. ولقد كانت الشجاعة والكرم من أبرز صفات المجتمع العربي الجاهلي وقد ظهر في كل العصور العربية أعلام اشتهرت بالكرم وروى عنهم مواقف عظيمة في الجود والسخاء. وكان من أبرزهم وأشهرهم حاتم الطائي الذيكان مضرب المثل فيهم بالكرم ومما يؤثر عنه في ذلك إن رجلاً سأل حاتماً الطائي فقال: يا حاتم هل غلبك أحد في الكرم؟ قال: نعم غلام يتيم وذلك أنى نزلت بفنائه وكان له عشرة رؤوس من الغنم فعمد إلى رأس فذبحه وأصلح لحمه وقدمه إلىّ. وكان فيما قدم الدماغ فقلت طيب والله. فخرج من بين يدي وجعل يذبح رأساً بعد رأس ويقدم الدماغ وأنا لا أعلم فلما رجعت لأرحل رأيت حول بيته دماً عظيماً فإذا هو قد ذبح الغنم بأسرها فقلت لهلم فعلت ذلك؟ قال يا سبحان الله تستطيب شيئاً أملكه وأبخل عليك به إن ذلكلسبه على العرب قبيحة. فقيل يا حاتم فبماذا عوضته؟ قال: بثلثمائة ناقة حمراء وبخمسمائة رأس من الغنم فقيل أنت أكرم منه قال هيهات بل هو والله أكرم لأنه جاد بكل ما ملك وأنا جُدت بقليل من كثير ([1] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn1)) . ومن الأجواد المشاهير في الجاهلية أيضاً عبد الله بن جدعان وكانت له جفنة يأكل منها الراكب على بعيره. وذكر ابن قتيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [لقد كنت أستظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان صكة عمَىِّ] أي وقت الظهيرة وذكروا أنه كان يطعم التمر والسويق ويسقى اللبن. وعن أبي سفيان عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت قلت * يا رسول الله ان عبد الله بن جدعان كان في الجاهلية يقري الضيف ويفك العاني ويصل الرحم ويحسن الجوار فهل ينفعه ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا انه لم يقل يوما قط اللهم اغفر لي يوم الدين ([2] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn2))
ولا غرابة إذاً بأن يأتي القرآن الكريم على ذكر الصدقة والإنفاق وذم المال وذم جمعه والبخل في بذله منذ بدايات النزول.لأن صفة البذل والجود والكرم كانت مشرئبة في نفوس العرب فيكون القرآن قد عمل على استمالة تلك الأخلاق والسمو بمن يتصف بها للدخول في دين الله تعالى.
ومما يدلنا على أن العرب كانت تتصدق قبل الإسلام وكان خلق الصدقة ماشياً فيهم.حديث حكيم بن حزام. فعنه رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة وصلة رحم فهل فيها من أجر؟ فقال النبي أسلمت على ما سلف من خير. ([3] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn3))
الزكاة في السور المكية والمدنية:
تكررت كلمة الزكاة المعرّفة بأل الدالة على فريضة الزكاة في القرآن الكريم ثلاثين مرة، والمتتبع للمواضع الثلاثين التي ذكرت فيها الزكاة يجد أن ثمانية منها ذكرت في السور المكية وسائرها في السورالمدنية ([4] ( http://tafsir.net/vb/#_ftn4))
الجدير بالذكر أن لفظ الزكاة في معناها المعروف استخدم منذ أوائل العهد المكي، كما نرى ذلك في سورة الأعراف (آية 156)، وسورة مريم (آية 31، 55)، وسورةالأنبياء (آية 72)، وسورة المؤمنون (آية 4)، وسورة النمل (آية 3)، وسورة الروم (آية 39)، وسورة لقمان (آية 3).
وهذا لا يعني أنها لم تذكر إلا في تلك المواضع فقط. بل إنها ذكرت بألفاظ ودلالات كثيرة تشير الى معنى الزكاة كلفظ صدقة أو إطعام أو بالإشارة الى منعها وعدم أعطائها حقها بكلمات دلالية زاجرة. وقد كثر ذلك في قصار السور المكية وأسوق اليكم بعض ما فيها من بيان:
قوله تعالى: إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34)
/ سورة الحاقة
قوله تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) /البلد
¥