تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظرة في: (دعائم القبول لأسباب النزول)]

ـ[محمد أبو زيد]ــــــــ[14 Aug 2010, 03:56 ص]ـ

[نظرة في: (دعائم القبول لأسباب النزول)]

العنوان الوارد في كتاب إتقان البرهان في علوم القرءان للدكتور فضل حسن عباس رعاه الله

يعد هذا الكتاب من كتب علوم القرآن المهمة، فقد بذل فيه مؤلفه جهدا لا يستهان به، وحاول أن يحقق في مسائل اعتدنا على قبولها وقراءتها في كتب علوم القرآن، ويبدو لي أنه حقق بعض الأهداف التي أراد الوصول إليها من هذا الكتاب، إلا أنه لفت انتباهي ما وجهه المؤلف للقراء عند العنوان سالف الذكر بقوله: "فلا تعجبوا ـ أرشدكم الله ـ إن وجدتم فيه ما لا يوافق ما ألفتموه، ويتعارض مع ما عرفتموه".أ. هـ.

فبدأت أقرأ وأنا أتأمل كل حرف مما يقول باعتبار أنني متحفز لسماع شيء غريب بعد هذا التقديم الذي قدمه لهذا العنوان، ولا يتوقع مني أن أقول كل ما قاله فهذا يرجع إليه من أراد في ج1/ 343 وما بعدها.

والذي سأذكره هو ما جعلني أكتب هذه التعليق، فقد تحدث المؤلف ـ رعاه الله ـ عن أهمية السياق القرءاني وهذه مسألة معلومة لدى المتخصصين، والذي أثار غرابتي هو جعل السياق مقدَّما على سبب النزول الصحيح الصريح. إذ قال:"فللسياق أثر لا ينكر في ترجيح القبول، قبول السبب أو رده". وفي ص346 وضح أكثر فقال:"كثيرا ما نجد في روايات أسباب النزول ما لا يتفق مع السياق، فما كان منه غير صحيح الرواية فالخطب فيه يسير، لكن الإشكال فيما ادعيت صحة روايته، وقضية السياق قضية جوهرية في قبول سبب النزول"أهـ. وكلمته هنا:"فيما ادعيت صحة روايته" موهمة إذ قد يظن القارئ بأنه لا يقصد ما صح عنده، وإنما يتكلم عن الروايات الضعيفة، إلا أن المتابع للقراءة ـ كما سيظهر بعد قليل ـ يرى أنه لا يقبل كل ما لا يتفق مع السياق مع إقراره هو أحيانا بصحة روايته وصريح سببيته.

وطالما أن الشيخ ـ حفظه الله ـ توقع تعجبنا مما كتب فأرجو أن يتسع صدره لما سأذكره من ملاحظاتي على هذا الكلام، ولعل الشيخ وكل من يقرأ هذا الكلام يشارك في إثراء هذا الموضوع، ويجلي ما غمض منه.

وبالنظر لما ذكره من أقوال العلماء والأمثلة الموضحة لما يريد وجدت الملاحظات الآتية:

1 - استدل الشيخ الفاضل بكلام للسيوطي في الإتقان: "وقد تنزل الآيات على الأسباب الخاصة وتوضع مع ما يناسبها من الآي العامة رعاية لنظم القرآن، وحسن السياق، فيكون ذلك الخاص قريبا من صورة السبب في كونه قطعي الدخول في العام. كما اختار السبكي أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق المجرد مثاله قوله تعالى: [ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت] إلى آخره فإنها إشارة إلى كعب بن الأشرف ونحوه من علماء اليهود، لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر حرضوا المشركين على الأخذ بثأرهم، ومحاربة النبي فسألوهم: من أهدى سبيلا محمد وأصحابه أم نحن؟ فقالوا: أنتم. مع علمهم بما في كتابهم من نعت النبي المنطبق عليه، وأخذ المواثيق عليهم ألا يكتموه؛ فكان ذلك أمانة لازمة لهم ولم يؤدوها حيث قالوا للكفار: أنتم أهدى سبيلا، حسدا للنبي. فقد تضمنت هذه الآية مع هذا القول التوعد عليه المفيد للأمر بمقابله المشتمل على أداء الأمانة التي هي بيان صفة النبي، بإفادة أنه الموصوف في كتابهم؛ وذلك مناسب لقوله: [إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها] فهذا عام في كل أمانة، وذلك خاص بأمانة هي صفة النبي بالطريق السابق، والعام تال للخاص في الرسم متراخ عنه في النزول، والمناسبة تقتضي دخول ما دل عليه الخاص في العام، ولذا قال ابن العربي في تفسيره: وجه النظم أنه أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد، وقولهم: إن المشركين أهدى سبيلا، فكان ذلك خيانة منهم، فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات"أ. هـ.

ولو نظرنا وتأملنا في كلام السيوطي لا نجد فيه أثرا لرد السبب الصريح الصحيح عندما يخالف السياق، وكل ما أراد أن يلفت النظر إليه هو أهمية السياق التي لا يخالف فيها أحد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير