نظرية الصرفة حقيقتها القائلون به والردّ عليها (1)
ـ[بودفلة فتحي]ــــــــ[04 Sep 2010, 10:29 م]ـ
نظرية الصرفة حقيقتها القائلون به والردّ عليها
بحث من إعداد الطالب: فتحي بودفلة
مقدمة:
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله
ألا وإنّ خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار أعاذني الله وإيّاكم كمها
أما بعد ...
تعتبر نظرية الصرفة التي جهر بها النظّام في نهاية القرن الثاني وبداية الثالث للهجرة الشرارة الأولى التي أثارت علماء الإسلام للبحث بموضوعية ومنهجية علمية دقيقة في مسألة إعجاز القرآن الكريم , فطابقت بحق وصدق المثل السائر "ربّ ضارة نافعة" ... فجلّ ما كتب بعدها في إعجاز القرآن وبلاغته جاء كردة فعل لهذه النظرية بدءاً بضحدها وإبطالها ثم إثبات كون القرآن معجز بذاته وبيان أوجه الإعجاز فيه ...
واللافت للانتباه أنّ أوّل وأكثر من ردّ على النظّام وأبطل نظريته سواء إبطال كلي بضحدها أو جزئي بإعادة تهذيبها هم أصحابه وأهل مذهبه , المعتزلة وكأنهم أرادوا بذلك نفي شبهة القول بها عن مذهبهم والحفاظ على تقدمهم واختصاصهم من دون سائر الفرق بمهمة الدفاع عن القرآن الكريم والذوذ عنه
ثم إنّ هذا التقدم والاختصاص في الحديث عن ظاهرة إعجاز القرآن وبلاغته والدفاع والذوذ عنه أمام المشككين والملحدين كان بمثابة الشرارة الثانية أو الدافع إلى مزيد من الدراسات القرآنية المتخصصة والتي قادتها باقي الفرق الإسلامية وعلى رأسها أهل السنة والجماعة والأشاعرة وغيرهم سواء من باب الردّ عليهم لأنهم ألبسوا هذه الدراسات الإعجازية والبلاغية كثيرا من عقائدهم وفلسفاتهم أو من باب نقض هذا الاختصاص والتقدم فظهرت نتيجة لذلك ابتداء من القرن الرابع الهجري أسماء بارزة كالخطابي والبقلاني والجرجاني وغيرهم ...
الشرارة الثالثة والأسباب والدوافع الأخيرة التي أعادت الحياة والجدّة ــ إذا صحّ التعبير ــ لهذا العلم هو الاتصال بالحضارة الغربية والغرف من معينها ومختلف علومها سواء اللسانية منها أو غيرها كالعلوم الاجتماعية والنفسية والطبية والفلكية .... إلخ ...
فلكي يتم الإحاطة بإعجاز القرآن وحقيقة النظريات التي قيلت فيه لا بدّ من الوقوف على هذه الشرارات والدوافع الثلاث التي أثّرت في هذه الدراسات أيّما تأثير وهي كما سبق ذكره وبيانه:
نظرية الصرفة ودورها الريادي في بداية الكلام العلمي والمنهجي في إعجاز القرآن وبلاغته ...
جهود المعتزلة في الدرس البلاغي سلبا وإيجابا ودورهم في إثارة باقي الفرق الإسلامية ...
الحضارة الغربية وما أضافته للدرس البلاغي ودورها توسيع مجالات وبحوث إعجاز القرآن ...
وما سأحاوله في هذه الخلاصة هو التعرض للشرارة الأولى ــ نظرية الصرفة ــ معتمدا المنهج التحليلي والمقارن من أجل الوقوف على حقيقة هذه النظرية وعلى ما أثارته من ردود أفعال مقسما بحثي إلى مقدمة خاتمة يتوسطهما فصلان أما المقدمة فتوطئة لبيان أهمية وسبب اختيار الموضوع كما تعرضت فيها لمنهجية وعناصر البحث وفي الخاتمة تناولت أهم النتائج التي صدر عنها البحث وفي الفصل الأوّل تعرضت لحقيقة نظرية الصرفة لصاحبها لتعريفها لحقيقتها ولأصلها ... بينما خصصت الفصل الثاني للردّ عليها وإبطالها ......
أسأل الله تعالى التوفيق والسداد وصل اللهمّ على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم ...
حول مصادر ومراجع هذا البحث:
لعل أوّل ملاحظة أسجلها ها هنا هو النقص الشديد إن لم أقل انعدام مرجع معتزلي خالص يتحدث عن نظرية الصرفة وخاصة للنظّام نفسه أول وأشهر من قال بها فجلّ أقواله منقولة من كتب خصومه وأشياعه ... وسواء هؤلاء وهؤلاء ــ من الناحية المنهجية ــ لا يمكن الثقة المطلقة بها ولا الطمأنينة لها لأنه لا يبعد أن تكون محاطة وملفقة بأحكام ذاتية أو ذوقية أو مذهبية بعيدة عن الموضوعية من شأنها أن تصرف هذه النصوص عن حقيقته الأولى ...
¥