تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بين التفسير الفرقاني والتفسير الاصطلاحي]

ـ[نسيم بسالم]ــــــــ[12 Aug 2010, 11:55 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

وبعد:

يقول الباري عز وجل في كتابِه الحكيم: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [الفرقان: 30]. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان: 31]. وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً [الفرقان: 32]. وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان: 33]. الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان: 30 - 34]

في هذا المقطع من سورة الفرقان يَنقُل الله عزَّ وجلَّ إلينا شِكايَة الرَّسُول ? عن هُجران قَومه لهذا النُّور الرَّباني والهَدي الإلهي؛ متخذين إيَّاه ظِهريا وكَأَن لَم يُوحَ شَيء؛ فَرحين بِما عِندَهُم مِن العِلم؛ ضارِبين لله الأَمثال والشُّبَه!! ولَكنَّ الله تعالى يُسلِّي رَسُولَه بأنَّ هذا الهُجران والصُّدود سُنة إلهية جارِية على كلِّ مَن حَمل مِشعَل الحَق، وصَدح في الآفاقِ بِمنهَج اللَّه وَحده من غَير رَيب ولا مُوارَبة، والله وَحده هُوَ الكافي والهَادي والنَّصير!

ونَفس القَانُون يُؤكِّدُه اللَّه تَعالى في سُورة الأنعام في قَوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ. وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ. أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ [الأنعام:112 - 116] ... وكذا في سورة الحج في قَولِه تَعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الحج:52 - 54].

فقَد كَتب الله على كلِّ دَعوة نبي ورسُول مُعارَضة من شَياطين إنس وجِن يُوحي بَعضهم إلى بَعض سَرابا وزَيفا مِن الأقوال والأَمثَال بِطِلاء مُزخرف بَرَّاق يَغُرُّ الغافِلين، يُعارِضون بِها الوَحي الرَّباني النَّاصِع الذي لا يَأتيه البَاطل مِن بينِ يَديه ولا مِن خَلفِه، والذي هُو الحَقُّ كلُّه، والهُدى كلُّه!! والأنبيَاء الكِرام بإخلاصِهم وتفانيهم في وَاجب الدَّعوة يتمنَّون لَو أنَّ النَّاس كلُّهم تابوا وأنابوا وأقلَعوا عن غيِّهم وضَلالِهم؛ ولَكن إرادة الله فَوق كلِّ شيء ولا مُعقِّب لِحُكمِه ولن تَجد لِسُنَّة الله تَبديلا!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير