[مدرسة مكة في التفسير بين التأثر والتأثير]
ـ[أحمد العمراني]ــــــــ[19 Aug 2010, 03:14 م]ـ
مدرسة مكة في التفسير بين التاثر والتأثير
- تعتبر مكة حرسها الله منذ البعثة من أعظم البيوت القرآنية، فيها نزل أول لفظ يدعو للقراءة، وبها تأسس أول مركز لتعليم المسلمين " دار الأرقم " ليتخرج منها الأرقميون الذين تعهدوا القرآن وعلموه، وساحوا في بقاع الأرض ينشرونه، وبعد اتساع الفتوحات، تفرق الصحابة في الأمصار وتفرق العلم معهم لتتوفر الدواعي على تطلب الأخبار الراجعة الى التفسير وغيره من العلوم الشرعية.
-وقد عرف رجال بأنهم أثبات الأخبار وحجج الآثار تفاوتوا قلة وكثرة فيما روي عنهم ليتفوق في هذا المجال مؤسسو المدارس التفسيرية المشتهرة في هذا العهد، عبد الله ابن مسعود في العراق، وأبي بن كعب بالمدينة، وعبد لله بن عباس بمكة.
-وتعد مدرسة مكة الأولى في هذا الحقل العلمي بفضل مؤسسها وخريجيها، فابن عباس المؤسس هو حبر الأمة وبحرها، اعترف له كبار الصحابة بطول الباع في التفسير وغيره، فيه قال مؤسس مدرسة العراق: " نعم ترجمان القرآن ابن عباس " [1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)
وقال فيه أيضا: " لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عاشره منا أحد " [2] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2)
وفيه قال علي بن أبي طالب: " كأنما ينظر الى الغيب من ستر رقيق ". [3] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)
أما تلامذته وخريجو مدرسته فعددهم لا يحصر ولا يحصى، ولكن اشتهر منهم خمسة عدوا من الجهابذة الأول، قال فيهم ابن تيمية: " أعلم الناس بالتفسير أهل مكة، لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء وعكرمة وطاوس وسعيد بن جبير وغيرهم." [4] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4)
تأثير المفسرين المكيين فيمن جاء بعدهم:
مع أن الجهود العلمية تتكامل وتندمج اندماجا عضويا يصعب معه تحديد دور حلقة معينة أو شخصية بذاتها في هذا البنيان الضخم، إلا أن بعض الشخصيات تترك بصمات واضحة جلية وآثارا ظاهرة في مسيرة العلم، يمكن أن تبقى معلما شاهدا على الاضافة الجليلة التي قدمتها الشخصية لتراث ذلك العلم.
وفي التراث التفسيري تبرز عطاءات أعلام " مدرسة مكة "من بين مجهودات العلماء لتشكل معينا ثرا وموردا هاما، رفد ذلك الرصد وصعد بنيانه الى أن نضج واكتمل وازدهى.
وليست تنحصر أهمية مفسري المدرسة في كونهم وسطاء ثقافيين بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة، وبين الأجيال اللاحقة، ولا في كونهم أساتذة سبقوا لهذا الميدان بحكم الولادة التاريخية، ولكن تتجلى هذه الاستاذية والأهمية إضافة الى ما ذكر في أنهم مرجعية لا غنى عنها لكل من جاء بعدهم، وألف في التفسير بل وفي غيره من العلوم الشرعية، إذ لا يخلو اجتهاد فقهي لكثير من العلماء على مر الزمان، من الرجوع الى آثار مدرسة مكة واجتهادات رجالها ..
إذ روايات ابن عباس ومجاهد وسعيد وعكرمة وعطاء وطاوس، وإن تفاوتوا بين مقل ومكثر، صارت من عمد المفسرين وكتبهم، وانتقلت من دور الى دور حتى استفاضت في كتب التفسير جميعها تقريبا.
وقد كتب الله لهم بإخلاصهم، قبولا لدى العلماء فحمدت طرائقهم، ولم تشب أقوالهم شائبة مما لوث المناخ الفكري في تلك الحقبة المهمة، فتناقلت الأجيال من بعدهم أقوالهم بالقبول، واعتمدها أهل الفن والدراسة لكل النواحي المتعلقة بكتاب الله، فهما وتفسيرا.
وبتنوع وغنى ثقافة أبناء المدرسة، كان كل أهل فن يجدون عندهم ما يريدون ويصلون الى مبتغاهم حين يرغبون، فأهل الأثر من المفسرين وجدوا ويجدون فيهم أهم مصادرهم.
وأهل التأويل والعقليون من المفسرين يجدون فيهم روادا سبقوا عصرهم بعشرات السنين، ويتخذون تأويلاتهم متكئا لما يؤولون.
وأهل النسخ والغريب وأسباب النزول والبيانيون يستمدون منهم ويقتبسون.
¥