[الناسخ والمنسوخ , ماذا تعرف عنه؟]
ـ[عطيه محمد عطيه]ــــــــ[05 Aug 2010, 08:57 م]ـ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد ... أرحب بكم إخواني الأعزاء , وأدعو الله العلي القدير أن يوفقني وأن يسددني لكي أضيف الفائدة لكل من يقرأ مقالتي ... آمين.
ومن العنوان أخي الكريم يتبين ما أرِيد الحديث عنه في هذا المقال وهو موضوع من الاهمية بمكان بحيث يغفل عنه وعن الإحاطة به جل المسلمين في عصرنا هذا , والأمر لله رب العالمين.
الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم , ماذا تعرف عنه أخي الكريم؟
قال الله عز وجل " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " البقرة106
سأوجز لك أخي الكريم ما قرره أهل العلم في عجالة حتى تكون على بينة من أمرك , لأن العلم به يترتب عليه معرفة الأحكام الفقهية التي ينبغي للمسلم العمل بها وتلك التي نسخ حكمها فلا ينبغي العمل بها.
ولنأخذ أخي الكريم فكرة سريعة عن معنى النسخ لغة وشرعا.
فالنسخ لغة: معناه الإزالة أو النقل.
أما إصطلاحا "شرعا": فهو رفع حكم شرعي بدليل شرعي , بينهما تراخ ٍ " زمن ".
ويجدر بالذكر هنا الإشارة إلى بعض الأمور المتعلقة بالنسخ وهي:
1 - إن النسخ لا يدخل إلا في الأحكام الشرعية أي في "افعل ولا تفعل" , ولا يدخل في العقائد ولا في القصص , فلا يقبل مثلا أن يخبرنا الله عز وجل أنه واحد لا شريك له , ثم يأتي وينسخ هذا الحكم ويخبرنا أنه ثالث ثلاثة " تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " , ولا يجوز أن يأتي في القرآن على سبيل القصص أن سيدنا يوسف قد رأى في المنام أحد عشر كوكبا ثم يأتي ما ينسخ ذلك ويخبر أنه رأى عشر كواكب فقط.
2 - لا يقبل النسخ إلا بدليل شرعي , سواءً من القرآن أو من السنة.
فلا يقال من بعض جهلة هذا العصر أن الوقت الحالي يصعب فيه تطبيق الكثير من الأحكام الشرعية التي لا تتفق وروح العصر كحجاب المرأة وغير ذلك فيريدون إسقاط ونسخ هذه الأحكام , غير مستندين لدليل شرعي من كتاب أو سنة , ولكن يدفعون ذلك بعقولهم البائدة المريضة , وهكذا قد أطلت علينا رؤوس الجهال في الآونة الأخيرة بالقول زورا أن النقاب ليس من شرع الله , ولا دليل عليه لا في قرآن ولا في سنة , تعست عقول هؤلاء.
أنواع النسخ:
ينقسم النسخ , و قد علمنا المراد به في الشرع بأنه إزالة الحكم الشرعي " بإعتبارين:
أولا: أنواع النسخ من ناحية الخفية والشدة:
1 - نسخ حكم بآخر هو أشد منه مثل: نسخ حكم إباحة شرب الخمر بحكم تحريم مجرد القرب منها.
2 - نسخ حكم بآخر هو مساو ٍ له في الشدة مثل: نسخ جهة القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.
3 - نسخ حكم بآخر هو أخف منه في الشدة مثل: نسخ حكم الصيام في الآية الكريمة من سورة البقرة " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " البقرة 183 فكان ليل الصيام يباح الأكل والشرب والجماع ما لم ينم الشخص , فإن نام حرم عليه ذلك كله حتى مغرب اليوم الثاني , فجاءت الآية الكريمة " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نساءكم ... " البقرة 187 لتبيح الأكل والشرب والجماع مطلق الليل تيسيرا من الله الكريم.
ثانيا: أنواع النسخ من ناحية الحكم واللفظ:
1 - المنسوخ حكما ولفظا:
مثل ما ورد في الحديث الصحيح تقسم عائشة رض11 وعن أبيها وعن الصحابة أجمعين أن سورة الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة فدخل فيها النسخ , وكان منها قوله تعالى " عشر رضعات مشبعات يحرمن " فنسخت بالسنة الصحيحة إلى خمس رضعات مشبعات يحرمن.
2 - المنسوخ لفظا وبقى حكما:
مثل: آية الرجم "أي رجم الزاني المحصن" فكانت تتلى " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله " وكانت أيضا في سورة الأحزاب , قال عمر ابن الخطاب رض1 , سيأتي أقوام يقولون لا نجد للرجم آية في القرآن , ووالله لقد رجم رسول الله صل1 ورجمنا "
وقد قيل إن الحكمة في نسخ اللفظ التعود على طاعة الله والإلتزام بشرعه حتى ولو لم يبق نص مكتوب , " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " , ولإختبار طاعة المسلم.
3 - المنسوخ حكما وبقى لفظه:
مثل: نسخ تربص المرأة المتوفى عنها زوجها مدة سنة "أي مكوثها في بيتها سنة كاملة" في الآية الكريمة " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ... " البقرة 240 بالآية الكريمة " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن يأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " البقرة 234 حيث حدد المكوث بأربع أشهر وعشرة أيام فقط.
وقد قيل في حكمة بقاء اللفظ رغم نسخ الحكم بتذكر الحكم المنسوخ وتذكر فضل الله ونعمته , وأيضا الفضل المترتب على تلاوته.
والسؤال الذي أثاره بعض المستشرقين حيث قالوا " إن النسخ دليل على البداء والجهل فكيف تقولون بالنسخ؟ وتنسبونه إلى الله؟
فكيف يكون الرد عليهم؟ وما هو معنى البداء؟ وأيضا ما هي السور التي حوت آيات منسوخة؟ وما عددها؟ وكم عدد الآيات المنسوخة في كل سورة؟ وما الأحكام التي نسخت؟ وما الآيات التي نسختها؟
كل هذه التساؤلات إذا أردت أخي الكريم معرفة الإجابة عنها , فترقب مقالتي القادمة بحول الله وقوته.
جمعنا الله على الخير والعلم آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم
¥