تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نظرية الصرفة حقيقتها القائلون بها والردّ عليها (2)

ـ[بودفلة فتحي]ــــــــ[09 Sep 2010, 08:34 ص]ـ

الفصل الثاني

إبطال نظرية الصرفة:

يمكننا تصنيف وترتيب جملة الأدلة التي تمّ بها إبطال نظرية الصرفة في مجموعتين اثنين الأولى عبارة عن ردود وأدلة نظرية وعلمية نقلية وعقلية والثانية عبارة عن ردود عملية تطبيقية واقعية

أولا الأدلة العلمية النقلية والعقلية المبطلة لنظرية الصرفة:

1) استدلّ الإمام الخطابي على بطلان نظرية الصرفة بقوله تعالى: قال عليه رحمة الله الواسعة: " ... فأشار في ذلك إلى أمر طريقة التكلف والاجتهاد وسبيله التأهب والاحتشاد والمعنى في الصرفة التي وصفوها لا يلائم هذه الصفة فدلّ على أنّ المراد غيرها والله أعلم." اهـ ويقول الإمام السيوطي مستدلا بهذه الآية: ( ... فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سلبوا القدرة، لم تبق فائدة لاجتماعهم، لمنزلته منزلة اجتماع الموتى، وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره، ... )

لو كان الإعجاز في الصرفة كما يزعمون لكان الأبلغ فيها أن يأتي القرآن في أدنى مراتب البلاغة والبيان فالعجز عن الإتيان بالشيء البسيط بالصرفة أبلغ وأوكد من العجز عن الإتيان بالشيء العظيم , وإلى هذا الوجه أشار الباقلاني (403هـ) بقوله: (لو كان الأمر على ما ذهبوا اليه، وكان الإعجاز بالصرفة حقا، لكان الأقوى في الحجة، والأبين في الدلالة، أن يجيء القرآن في أدنى درجات البلاغة، لأن ذلك أبلغ في الأعجوبة، فإن الذي يعجز عن كلام هو في مستوى كلام الناس أو أدنى منه، يكون ذلك دليلاعلى أن هناك قوة غلابة، حالت بينه وبين المعارضة، ولم يكن هناك حاجة لمجيء القرآن الكريم في نظم بديع، ومستوى رفيع عجيب، لأن الأقرب إلى قوة الدليل، ووضوح الحجة حين تكون الصرفة هي الوجه للإعجاز- أن يكون القرآن في مستوى كلامهم، أو دونه.)

2) الآيات الدالة على التحدي والإعجاز تحمل في طياتها دلالة واضحة على مزية القرآن وأنّه فوق قدرة البشر فإنّ الخطاب القرآني لم يوقع التحدي إلاّ بعد الحديث عن نظم القرآن وعن معارضة العرب ورفضهم لدعوته وأحكامه ومعانيه والقول بالصرفة مناقض ومخالف لذلك

3) الإجماع وقع قبل قول النظام بالصرفة على أنّ القرآن معجز بنظمه ولا سبيل لخرقه يقول الإمام القرطبي في أحكام القرآن مفندا القول بالصرفة: (وهذا فاسد، لأن الإجماع قبل حدوث المخالف: أن القرآن هو المعجز، فلو قلنا: إن المنع والصرفة هو المعجز، لخرج القرآن عن أن يكون معجزا، وذلك خلاف الإجماع، وإذا كان كذلك، علم أن نفس القرآن هو المعجز، وأن فصاحته وبلاغته أمر خارق للعادة، إذ لم يوجد كلام قط على هذا الوجه، فلما لم يكن كذلك مألوفا معتادا منهم، دل على أن المنع والصرفة، لم يكن معجزا.) وممّا قاله السيوطي رادّا على القاشلين بالصرفة: ( ... هذا مع أنّ الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز للقرآن فكيف يكون معجزا وليس فيه صفة الإعجاز ... ) وممن ذكر هذا الإجماع واستدل به كذلك علي بن محمد الجرجاني (812هـ) في شرح المواقف والألوسي في روح المعاني

4) إذا كان العرب صرفوا عن الإتيان بمثل القرآن الكريم بعد نزوله ووقوع التحدي فما بالنا لا نجد في كلامهم قبل وقوع التحدي ما يشبهه أو يقاربه في بلاغته وبيانه؟ يقول الإمام الباقلاني: (إننا لوسلمنا أن العرب المعاصرين للبعثة قد صرفوا كما يزعمون، لم يكن من قبلهم من أهل الجاهلية مصروفين عما كان يعدل به في الفصاحة والبلاغة، وحسن النظم، وعجيب الرصف، فلما لم يوجد في كلام من قبله مثله) ويقول أبو القاسم الخوئي (1413هـ) من علماء الشيعة الإمامية) لو كان إعجاز القرآن بالصرفة، لوجد في كلام العرب السابقين مثله، قبل أن يتحدى النبي البشر، ويطالبهم بالإتيان بمثل القرآن، ولو وجد ذلك لنقل وتواتر، لكثرة الدواعي إلى نقله، وإذ لم يوجد ولم ينقل، كشف ذلك عن كون القرآن بنفسه إعجازا إلهيا، خارجا عن طاقة البشر.) وإلى مثل هذا أشار الشريف الجرجاني (812هـ) بقوله: (إنه لا يتصور الإعجاز بالصرفة، وذلك لأنهم كانوا حينئذ يعارضونه بما اعتيد منهم من مثل القرآن الصادر عنهم قبل التحدي به، بل قبل نزوله، فإنهم لم يتحدوا بإنشاء مثله بل بالإتيان به فلهم بعد الصرفة الواقعة بعد التحدي،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير