تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأملات في آية الصيام]

ـ[خالد محمد المرسي]ــــــــ[16 Aug 2010, 04:49 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[تأملات في آية الصيام]

بقلم / خالد المرسي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة (183)

جاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله- تعالى - عنه فقال: اعهد إلي فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه)،

لم يقل الله تعالى (يا أيها الذين صدقوا) وقال (أمنوا)، ليستجيش في النفوس المعاني الإيمانية، فالله يحب من العباد أن يأتمروا بأمره مؤمنين بقلوبهم ومشاعرهم وأحاسيسهم، لا أن يكتفوا بالتصديق العقلي الجاف فقط، لأن أعمال القلوب هي روح التوحيد.

ولذلك اهتم الشرع المطهّر بإيجاد الوازع الديني الداخلي في النفوس وتقريره وتثبيته كما أمرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – أن نأمر أبنائنا بالصلاة وهم أبناء سبع ولا نضربهم عليها إلا وهم أبناء عشر، أي لا يُشرع في البداية ضربه ولمدة ثلاث سنوات لأن هذه المدة في الغالب كافية لزرع الاستجابة الداخلية لدى الطفل، ولذلك تجد إبراهيم – عليه السلام – لمّا أمره الله – تعالى – أن يذبح ولده إسماعيل، أخبر بذلك ولدَه فقال (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى) الصافات (102) لم يقصد إبراهيم – عليه السلام – أن يشاور ولده في تنفيذ أمر الله ولا كان مترددًا، إنما أراد أن يعرف ما في نفس ولده تجاه أمر الله فتقرّ عينُه به.

وهكذا على المسلم دومًا أن يهتم بإيجاد هذه الاستجابة بداخله. (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يا تُرى، ما الحكمة من إخبار الله – تعالى – لنا بأن الصيام كُتب على من قبلنا أيضا؟ يريد الله – تعالى – أن يخبرنا ويعلّمنا بأن عقيدة الإسلام التي نؤمن بها، والتي بُعث بها كل أنبياء الله وأمن بها أتباعُهم، إيمانُنا هذا يجعلُنا وهُم، أسرةً واحدة. وأمةً واحدة. من وراء الأجيال والقرون، ومن وراء المكان والأوطان؛ ومن وراء القوميات والأجناس، ومن وراء الأرومات والبيوت!، ولذلك لما أراد الله –تعالى - أن يعرِّف المسلمين بأمتهم التي تجمعهم على مدار القرون , عرَّفها لهم في صورة أتباع الرسل - كلٌ في زمانه - وقال لهم في نهاية استعراض أجيال هذه الأمة (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء: 92) وإذا انحلَّت رابطة الإيمان هذه، أوجَبَت الإبعاد بين المشتركين في الزمان والمكان وانقطع مابينهم! فينقطع مابين النبي وقومه الكفار به (أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ) هود (60) (أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ) هود (68)، وينقطع مابين الوالد والولد كما حدث مع نوح – عليه السلام – وابنه (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي) فأجابه الله (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) هود (45 – 46)، وينقطع ما يكون بين الولد والوالد وذلك فيما كان بين إبراهيم – عليه السلام – وأبيه وقومه كذلك (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير