تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المنسوخ حكما ورد شبهة المستشرقين]

ـ[عطيه محمد عطيه]ــــــــ[09 Aug 2010, 11:52 م]ـ

الحمد لله أحمده حمدا يليق بذاته , وأصلي وأسلم على سيدنا رسول الله صلاة وسلاما تليقان بذاته الكريمة , وبعد

أرحب بكم إخواني الأعزاء , وأدعو الله العلي القدير أن يفقهنا في ديننا , وأن يعلمنا ما ينفعنا , وأن ينفعنا بما علمنا , ... آمين.

في نهاية المقالة السابقة إخواني الأعزاء طرحت جملة من الأسئلة , كان منها شبهة أثارها بعض المستشرقين حيث قالوا " إن النسخ دليل على البداء والجهل فكيف تقولون بالنسخ؟ وتنسبونه إلى الله؟

فكيف يكون الرد عليهم؟ وما هو معنى البداء؟

أرعني سمعك أخي الحبيب حتى تعرف كيف ترد على هؤلاء.

نبدأ أولا بذكر معنى البداء: هو أن يقال الحكم ثم يبدو للقائل عدم صلاحية الحكم فيقوم بتعديله بحكم آخر , وهذا دليل على جهل من أصدر الحكم - مثلما يحدث في وضع القوانين البشرية المنظمة لحياة البشر , فهي تتغير وتتبدل – والرد أن النسخ ليس دليلا على البداء أو الجهل فالله عز وجل حينما فرض الحكم المنسوخ كان يعلم أنه أصلح للأمة في هذا الزمن , ولما نسخه بحكم جديد علم أن صلاح الأمة في الزمن الجديد يكون في الحكم الجديد الناسخ , فهو سبحانه وتعالى بكل شيء عليم.

وأضرب لك مثالا -ولله المثل الأعلى- عندما يذهب المريض للطبيب ويشخص له الحالة ثم يصدر له تعليمات بالإمتناع عن تناول بعض الأطعمة طوال فترة العلاج والتي قد تمتد لأسابيع عدة , ثم بعد مراجعة الطبيب في نهاية فترة العلاج ترى الطبيب يصدر تعليمات مخالفة وذلك بإباحة تناول الأطعمة التي كانت ممنوعة , هل كان الطبيب يظن في بداية الأمر أن هذه الأطعمة مضرة ثم تبين له عكس ذلك فأباحها للمريض؟ , بالطبع لا , ولكن الحاصل أن الطبيب علم أن هذه النوعية من الأطعمة لها ضرر في خلال فترة العلاج , فأمر المريض بعدم تناولها , ثم بعد أن اطمئن على صحة المريض , سمح له بتناولها.

وكذلك الأحكام المنسوخة فهي كانت صالحة في زمن معين ثم جاءت أحكام أخرى هي أكثر صلاحا فنسختها.

ومثال ذلك نسخ الشرائع بين الأمم , حيث يشرع ما يتناسب مع كل أمة , قال الله عز وجل " ولكل ٍ جعلنا منكم شِرْعَة ومنهاجا " وقال " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ".

فقال أهل العلم ليس هذا بداء , ولكن الله يبدي أمورا ولا يبتديها , وذلك أن كل الناسخ والمنسوخ في علم الله الأزلي.

والآن أخي الكريم آن لنا أن نطوف بين بعض الآيات المنسوخة لنتعرف عليها ونعلم بم نسخت.

وسنتعرض أولا للآيات المنسوخة حكما وبقى لفظها:

وإذا تناولنا سور القرآن من البداية فسنجد أن فاتحة الكتاب كلها مثبتة محكمة لا نسخ فيها , فهي السبع المثاني ,وهي أم القرآن.

سورة البقرة

دخل النسخ في سورة البقرة في سبع آيات.

الآية الأولى: رقم 180 " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين " هذه الآية قد نزلت قبل آيات المواريث في سورة النساء , وقد قررت أن من يموت فيترك مالا "خيرا" -وكثيرا ما يطلق الخير على المال- فإن له أن يوصي به للوالدين والأقربين.

قال القرطبي في تفسيره " اختلف العلماء في هذه الآية هل هي منسوخة أو محكمة؟ فقيل: هي محكمة , ظاهرها العموم , ومعناها الخصوص في الوالدَين اللذَين لا يرثان , كالكافرَين والعبدَين , وفي القرابة غير الوَرَثة , قاله الضحاك وطاووس والحسن , واختاره الطبري.

وعن الزهري أن الوصية واجبة فيما قل أو كثر.

وقيل إنها منسوخة.

قال المواردي: ذهب الجمهور من التابعين والفقهاء إلى أن العمل بالوصية كان واجبا قبل فرض المواريث , لئلا يضع الرجل ماله في البُعداء طلبا للسمعة والرياء , فلما نزلت آي المواريث في تعيين المستحقين وتقدير ما يستحقون , نُسخ بها وجوب الوصيه , ومَنَعَت السنة من جوازها للورثة.

وقد قيل: إن آية الفرائض لم تستقل بنسخها , بل بضميمة أخرى , وهي قوله صل1: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه , فلا وصية لوارث". رواه أبو أمامة و أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ومن هنا يتضح أن الحكم في الوصية أنها جائزة بشرطين اثنين , ألا تكون للورثة وأن تكون في حدود الثلث , والثلث كثير كما قال صل1.

في الختام أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخوكم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير