[الحكمة المستنبطة من الحديث القدسي (إلا الصوم فإنه لي)!]
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[02 Sep 2010, 09:10 ص]ـ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه متفق عليه.
وهذا لفظ رواية البخاري وفي رواية له: يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشرة أمثالها.
وفي رواية لمسلم: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره فرحة عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك.
يقول ابن حجر رحمه الله - وأنقل كلامه مختصرا -:
وقد اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى الصيام لي وأنا أجزى به مع أن الأعمال كلها له وهو الذي يجزئ بها على أقوال:
أحدها: أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره
ثانيها: أن المراد بقوله وأنا أجزى به أني انفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته وأما غيره من العبادات فقد اطلع عليها بعض الناس.
ثالثها: معنى قوله الصوم لي أي أنه أحب العبادات إلى والمقدم عندي.
رابعها: الإضافة إضافة تشريف وتعظيم كما يقال بيت الله وأن كانت البيوت كلها لله ...
خامسها: أن الاستغناء عن الطعام وغيره من الشهوات من صفات الرب جل جلاله فلما تقرب الصائم إليه بما يوافق صفاته إضافه إليه
سادسها: أن المعنى كذلك لكن بالنسبة إلى الملائكة لأن ذلك من صفاتهم
سابعها: أنه خالص لله وليس للعبد فيه حظ.
ثامنها: سبب الإضافة إلى الله أن الصيام لم يعبد به غير الله بخلاف الصلاة والصدقة والطواف ونحو ذلك ...
تاسعها: أن جميع العبادات توفي منها مظالم العباد الا الصيام ...
وأقرب الأجوبة التي ذكرتها إلى الصواب الأول والثاني ويقرب منهما الثامن والتاسع.
ثم يأتي الشيخ الشعراوي رحمه الله ويضيف قولا عاشرا على هذا الحديث (إلا الصوم فإنه لي) ويصوغه بأسوبه الرائع السهل الممتنع
يقول رحمه الله:
عند قوله تعالى ((إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)
....... ثم ذكر الحق سبحانه تكليف الصوم {والصائمين والصائمات. . .} [الأحزاب: 35] والصوم أخذ حُكْماً فريداً من بين أحكام التكاليف كلها، والحق سبحانه جعل لكل تكليف من التكاليف (كادر خاص) في الجزاء إلا الصوم، فليس له (كادر) محدد، لذلك قال عنه الحق سبحانه: «إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به» يعني: قرار عالٍ فوق الجميع، فلماذا أخذ الصوم هذه المنزلة؟
قالوا: لأن الصوم هو العبادة الوحيدة التي لم يعبد بها بشرٌ بشراً أبداً، فمن الممكن مثلاً في شهادة أنْ لا إله إلا الله أنْ يأتي مَنْ يمدح آخر، فيقول له: ليس في الكون إلا أنت، أنت النافع وأنت الضار، وهناك من قال عن نفسه: أنا الزعيم الأوحيد، كذلك في الصلاة نرى مَنْ يخضع ويسجد لغير الله كما نخضع ونسجد نحن في الصلاة، وكذلك في الزكاة نتقرب إلى العظيم أو الكبير بالهدايا له أو لمن حوله.
لكن، هل قال بشر لبشر: أنا أصوم شهراً، أو يوماً تقرُّباً إليك؟ لا. . لأن الصيام للغير المماثل تذنيب للمصوم له لا للصائم؛ لأنه سيُضطرّ لأنْ يظل طوال اليوم يراقبك، أكلتَ أم لم تأكل؟
ولأن الصوم هو العبادة الوحيدة التي لم يتقرب بها بشر لبشر قال الله عنها في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به «يعني: جزاؤه خارج المقرر كما قلنا.أهـ
وقد أثنى الشيخ المغامسي حفظه الله على قول الشيخ الشعراوي وعده نفيسا أو كما قال
رحم الله الجميع
ـ[ريم]ــــــــ[05 Sep 2010, 02:50 م]ـ
جميل ... جزاك الله خيراً
لكن عندي سؤال:
بالنسبة للقول الأول
"أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره "
هل هذا مطلق؟
خصوصاً من اعتاد صيام النوافل من اثنين و خميس أو الأيام البيض و المداومة على ذلك باستمرار لا شك أن من يحيط بالمرء من أهله أو المقربين منه سيلحظ أن فلاناً يحافظ على الصيام و يحرص على نصيبه منه
فهنا هل يسلم المرء من تسلل الرياء إلى نفسه؟؟؟ مثلاً التف أهله حول طعام الغداء و افتقدوه فأجابهم بأني صائم و تعددت هذه المواقف معه على مدى الأيام فمن الوارد أن يتسرب إلى نفسه شيء من العجب أو ما شابهه فيكيف يوفق بين هذه الحالة و بين القول الأول الذي ذُكر؟
و أن قولهم: أن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره " لا غبار عليه أن من مر بهذه الحالة و تسلل إليه شيء من الرياء هو من يقع عليه اللوم وحده؟
¥