[لفتات مهمة في سورة الفاتحة]
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[28 Aug 2010, 03:44 م]ـ
[لفتات مهمة في سورة الفاتحة]
سورة الفاتحة من السور التي وقف عليها المفسرون كثيراً فمنهم من كان المقلّ المُدلّ، ومنهم من كان المكثر غير الممل. ومع ذلك فإن أحداً منهم لم يدعي الإحاطة لها ولا الكمال في شرحها، ولا سبرالإمعان في اسرارها.
وقد يروق لي اليوم أن أكتب في السهل المفيد مبتعداً ما استطعت عن التكلف الشديد المتقعر والبعيد العميق الوعر والطويل الممل الضجر , ولأن سورة الفاتحة لها ما لها من خصوصية فريدة وجدت أن أكتب ما أملاه عليّ قلبي من تنبيهات تزيد المصلي خشوعاً والمتأمل شعوراً والقاريء تدبراً والمتهجد شكوراً.
أسأل الله تعالى أن يجعل لنا ما نخطه من مداد في ميزان أعمالنا بوم نلقاه فيتعطر ما نسطره في أقلامنا إضافة الى ما قاله الأولون.فينتشر العبق ويزداد طيباً على طيب. والله المستعان وعليه التكلان.
سورة التوحيد
ركزت السورة الكريمة من أولها الى آخر آية فيها على مبدأ التوحيد بأنواعه الثلاث الالوهية والربوبية والأسماء والصفات. ولذلك فإن محور السورة الأساسي وهدفها الرئيس هو التوحيد وذلك بالمقارنة مع العقائد الفاسدة الأخرى. وقد ذكرت السورة أهم عقيدتين فاسدتين وهما عقيدة اليهود والنصارى وذلك من غير تسمية مباشرة. ولكن دلالات هاتيك العقيدتين قائم في أرجاء السورة كلها وذلك بالتحذير تارة وبالتنويه الذي يشير الى الدلالة تارة أخرى كقوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين).أي إياك نخص بالعبادة لا كما فعل اليهود الذين خصوا غيرك بها في عبادتهم للعجل. وإياك نستعين لا كما فعل النصارى الذين استعانوا بغيرك من البشر وأشركوا فيك عيسى ومريم عليهما السلام.
والناظر الى عقيدة اليهود والنصارى فإنه ينطبق عليهم القول بأن الله يخلق ويُعبد سواه، فالله خلق المشركين وعبدوا سواه، والله يرزق ويُشكر سواه، وهذا واقع واضح في عقيدتهم المنحرفة. "
وأيضاً فكما هي العبادة والاستعانة الخالصة لله فإنه يكون الحمد الخالص لله وحده. فإن الحمد لا يكون إلا لله وحده لا شريك له. والملكية لله وحده كما العبادة والإستعانة. إلا أن الهداية والاستقامة الحقة هي نتاج ذلك كله. وذلك في الابتعاد عن صور الضلال في العقائد الأخرى كعقيدة اليهود والنصارى.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[28 Aug 2010, 03:45 م]ـ
الآية المحورية لسورة الفاتحة
ما من شك أن الآية المحورية لسورة الفاتحة هي (اهدنا الصراط المستقيم) وأخالف من قال أن (إياك نعبد وإياك نستعين) هي الآية المحورية. إذ ان الصراط المستقيم هو الذي يدل على العبادة الحقة وهو الذي يهذبها ويدلّ على حقائق الإستعانة من غير شرك ولا كفر ولا ضلال. ولا يمكن بأي حال أن تدل العبادة على الطريق القويم. فكم من عابد زاهد منقطع وهو في الحقيقة ضال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان. وكم من ديانة شاردة ضالة ودعاتها يدّعون أنها على الصراط المستقيم وأنها على الحق المبين وما هي إلا ضالة مضلة شط بها الطريق وحرمت من الصراط المستقيم الذي أنعم الله به على المؤمنين وخصهم به. وكما هو معلوم أيضاً أن مهمة الرسل الأولى هي قيادة الناس الى صراط الله المستقيم. وأنهم هم الذين يهدون الناس الى العبادة الصحيحة والمنهج الصحيح من خلال وحي الله تعالى وكتبه. ولذلك فإن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي دلّ أمته على طريقة العبادة الحقة من صلاة وصيام وحج. فقال عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي). وقال (خذوا عني مناسككم).
لماذا اليهود والنصارى
ورد في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أن المغضوب عليهم هم اليهود. وأن الضالين هم النصارى. فعن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال: سألترسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم قال اليهود, قلت: الضالينقال: النصارى, وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرةالهمداني عن ابن مسعود, وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: غيرالمغضوب عليهم وهم اليهود ولا الضالين هم النصارى, وقال الضحاك وابن جريجعن ابن عباس: المغضوب عليهم هم اليهود و الضالين هم النصارى,
فالمغضوب عليهم هم اليهود بشكل خاص لأنهم كفروا بآيات الله وقتلوا الأنبياء وحادوا عن طريق الحق وهم على علم به فجحدوه وحادوا عنه كبراً وعناداً. وقد أشار القرآن الكريم الى غضبه سبحانه وتعالى عليهم وذلك في قوله سبحانه:
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوايَعْتَدُونَ).
لقد غضب سبحانه على اليهود لأنهم كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام لأنه من غير قبيلتهم وجنسهم:
(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ)
لقد غضب عليهم سبحانه لأنهم عبدوا الطاغوت:
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)
لقد غضب على اليهود لأنهم عبدوا العجل بدلاً من عبادة من أكرمهم وهو سبحانه:
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ)
أما الضالين فهم الذين تقاعسوا عن طلب الحق والهداية. الذين كفروا من النصارى بشكل خاص ومن اتبعهم من الناس وسار على منهاجهم بشكل عام
¥