لا ترى اللهَ الأبصارُ في الدنيا, أما في الدار الآخرة فإن المؤمنين يرون ربهم بغير إحاطة, وهو سبحانه يدرك الأبصار ويحيط بها, ويعلمها على ما هي عليه, وهو اللطيف بأوليائه الذي يعلم دقائق الأشياء، الخبير الذي يعلم بواطنها.
قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104)
البصائر هي البينات والحجج التي اشتمل عليها القرآن وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
*****
و إلى الجزء التالي إن شاء الله تعالى
ـ[صابر عباس حسن]ــــــــ[04 Aug 2010, 07:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء الثامن من القرآن العظيم
ومبدأ التوحيد
(1)
سورة الأنعام
ومع بداية الجزء الثامن
نلاحظ أن التوحيد في الإسلام ليس كلمة تقال
بل هو منهج حياة يرتبط بكافة المعاملات الإنسانية
ويستمد شرعيته من أوامر الله تعالى
المنزلة في القرآن العظيم وأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ونبدأ بهذا الأمر الإلهي
فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ -118
و في تفسير الطبري
القول في تأويل قوله تعالى: {فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين} يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين به وبآياته ,
فكلوا أيها المؤمنون مما ذكيتم من ذبائحكم وذبحتموه الذبح الذي بينت لكم أنه تحل به الذبيحة لكم , وذلك ما ذبحه المؤمنون بي من أهل دينكم دين الحق ,
أو ذبحه من دان بتوحيدي من أهل الكتاب , دون ما ذبحه أهل الأوثان ومن لا كتاب له من المجوس. {إن كنتم بآياته مؤمنين}
وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ - 121
ومع تفسير القرطبي لهذه الآية الكريمة
روى أبو داود قال: جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله؟ فأنزل الله عز وجل: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " إلى آخر الآية.
وروى النسائي عن ابن عباس في قوله تعالى: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " قال: خاصمهم المشركون فقالوا: ما ذبح الله فلا تأكلوه وما ذبحتم أنتم أكلتموه ; فقال الله سبحانه لهم: لا تأكلوا ; مما لم تذكروا اسم الله عليها.
والكلام في التسمية على أقوال خمسة , وهي
القول الأول: إن تركها سهوا أكلا جميعا , وهو قول إسحاق ورواية عن أحمد بن حنبل. فإن تركها عمدا لم يؤكلا ; وقاله في الكتاب مالك وابن القاسم , وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري والحسن بن حي وعيسى وأصبغ , وقاله سعيد بن جبير وعطاء , واختاره النحاس وقال: هذا أحسن , لأنه لا يسمى فاسقا إذا كان ناسيا.
الثاني: إن تركها عامدا أو ناسيا يأكلهما. وهو قول الشافعي والحسن , وروي ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وعطاء وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد وعكرمة وأبي عياض وأبي رافع وطاوس وإبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وقتادة. وحكى الزهراوي عن مالك بن أنس أنه قال: تؤكل الذبيحة التي تركت التسمية عليها عمدا أو نسيانا. وروي عن ربيعة أيضا. قال عبد الوهاب: التسمية سنة ; فإذا تركها الذابح ناسيا أكلت الذبيحة في قول مالك وأصحابه.
الثالث: إن تركها عامدا أو ساهيا حرم أكلها ; قال محمد بن سيرين وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عمر ونافع وعبد الله بن زيد الخطمي والشعبي ; وبه قال أبو ثور وداود بن علي وأحمد في رواية.
الرابع: إن تركها عامدا كره أكلها ; قاله القاضي أبو الحسن والشيخ أبو بكر من علمائنا.
الخامس: قال أشهب: تؤكل ذبيحة تارك التسمية عمدا إلا أن يكون مستخفا , وقال نحوه الطبري.
الأدلة علي وجوب التسمية
قال الله تعالى: " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه " [الأنعام: 118] وقال: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " فبين الحالين وأوضح الحكمين.
فقوله: " لا تأكلوا " نهي على التحريم لا يجوز حمله على الكراهة ولا يجوز أن يتبعض , أي يراد به التحريم والكراهة معا ; وهذا من نفيس الأصول.
¥