أمر من الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه أن يقول للعالم: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ من ربي , أنما إلهكم إله واحد، فمَن كان يخاف عذاب ربه ويرجو ثوابه يوم لقائه، فليعمل عملا صالحًا لربه موافقًا لشرعه، ولا يشرك في العبادة معه أحدًا غيره
******
سورة مريم
ومن عظيم ترتيب آيات الذكر الحكيم أن نسمع كلام (عيسى ابن مريم) عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم , وهو يتكلم في المهد ليعلن للعالم أنه عبد الله ورسوله.
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30)
وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (31)
وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32)
وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (33)
قال عيسى وهو في مهده يرضع: إني عبد الله, قضى بإعطائي الكتاب, وهو الإنجيل, وجعلني نبيًا.
وجعلني عظيم الخير والنفع حيثما وُجِدْتُ, وأوصاني بالمحافظة على الصلاة وإيتاء الزكاة ما بقيت حيًا.
وجعلني بارًّا بوالدتي, ولم يجعلني متكبرًا ولا شقيًا, عاصيًا لربي.
والسلامة والأمان عليَّ من الله يوم وُلِدْتُ, ويوم أموت, ويوم أُبعث حيًا يوم القيامة.
ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)
مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)
وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36)
ما كان لله تعالى ولا يليق به أن يتخذ مِن عباده وخَلْقه ولدًا, تنزَّه وتقدَّس عن ذلك, إذا قضى أمرًا من الأمور وأراده, صغيرًا أو كبيرًا, لم يمتنع عليه, وإنما يقول له: "كن", فيكون كما شاءه وأراده.
وقال عيسى لقومه: وإن الله الذي أدعوكم إليه هو وحده ربي وربكم فاعبدوه وحده لا شريك له, فأنا وأنتم سواء في العبودية والخضوع له، هذا هو الطريق الذي لا اعوجاج فيه.
فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37)
فاختلفت الفِرَق من أهل الكتاب فيما بينهم في أمر عيسى عليه السلام, فمنهم غال فيه وهم النصارى, فمنهم من قال: هو الله, ومنهم من قال: هو ابن الله, ومنهم من قال: ثالث ثلاثة - تعالى الله عما يقولون -، ومنهم جافٍ عنه وهم اليهود, قالوا: ساحر, وقالوا: ابن يوسف النجار, فهلاك للذين كفروا مِن شهود يوم عظيم الهول, وهو يوم القيامة
*******
وفي الحديث القدسي
قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد، لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفأ أحد
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4974
خلاصة الدرجة: [صحيح]
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً (88)
لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً (89)
تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91)
وقال هؤلاء الكفار: اتخذ الرحمن ولدًا.
لقد جئتم - أيها القائلون - بهذه المقالة شيئا عظيمًا منكرًا.
تكاد السموات يتشقَّقْنَ مِن فظاعة ذلكم القول, وتتصدع الأرض, وتسقط الجبال سقوطًا شديدًا غضبًا لله لِنِسْبَتِهم له الولد. تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (92)
إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93)
وما يصلح للرحمن, ولا يليق بعظمته, أن يتخذ ولدًا; لأن اتخاذ الولد يدل على النقص والحاجة, والله هو الغني الحميد المبرأ عن كل النقائص.
إن كل مَن في السموات من الملائكة, ومَن في الأرض من الإنس والجن, إلا سيأتي ربه يوم القيامة عبدًا خاضعًا مقرًا له بالعبودية.
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94)
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95)
¥