وإني لَغفار لمن تاب من ذنبه وكفره, وآمن بي وعمل الأعمال الصالحة, ثم اهتدى إلى الحق واستقام عليه.
****
وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)
قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)
قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمْ السَّامِرِيُّ (85)
فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمْ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)
قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)
فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)
أَفَلا يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً (89)
قال الله لموسى: وأيُّ شيء أعجلك عن قومك - يا موسى - فسبقتَهم إلى جانب الطور الأيمن, وخلَّفتَهم وراءك؟
قال: إنهم خلفي سوف يلحقون بي, وسبقتُهم إليك - يا ربي - لتزداد عني رضا.
قال الله لموسى: فإنا قد ابتلينا قومك بعد فراقك إياهم بعبادة العجل, وإن السامري قد أضلهم.
فرجع موسى إلى قومه غضبان عليهم حزينًا, وقال لهم: يا قوم ألم يَعِدْكم ربكم وعدًا حسنًا بإنزال التوراة؟ أفطال عليكم العهد واستبطأتم الوعد, أم أردتم أن تفعلوا فعلا يحل عليكم بسببه غضب من ربكم, فأخلفتم موعدي وعبدتم العجل, وتركتم الالتزام بأوامري؟
قالوا: يا موسى ما أخلفنا موعدك باختيارنا, ولكنَّا حُمِّلنا أثقالا مِن حليِّ قوم فرعون, فألقيناها في حفرة فيها نار بأمر السامري, فكذلك ألقى السامري ما كان معه من تربة حافر فرس جبريل عليه السلام.
فصنع السامري لبني إسرائيل من الذهب عجلا جسدًا يخور خوار البقر, فقال المفتونون به منهم للآخرين: هذا هو إلهكم وإله موسى, نسية وغَفَلة.
أفلا يرى الذين عبدوا العجل أنه لا يكلمهم ابتداء, ولا يردُّ عليهم جوابًا, ولا يقدر على دفع ضرٍّ عنهم, ولا جلب نفع لهم؟
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)
قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91)
قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلاَّ تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93)
قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)
قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)
قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)
قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (97)
قال موسى لأخيه هارون: أيُّ شيء منعك حين رأيتهم ضلُّوا عن دينهم أن لا تتبعني , أفعصيت أمري فيما أمرتك به من خلافتي والإصلاح بعدي؟
ثم أخذ موسى بلحية هارون ورأسه يجرُّه إليه, فقال له هارون: يا ابن أمي لا تمسك بلحيتي ولا بشعر رأسي, إني خفتُ أن تقول: فرَّقت بين بني إسرائيل,
قال موسى للسامري: فما شأنك يا سامري؟ وما الذي دعاك إلى ما فعلته؟
قال السامري: رأيت ما لم يروه - وهو جبريل عليه السلام - على فرس, وقت خروجهم من البحر وغرق فرعون وجنوده, فأخذتُ بكفي ترابا من أثر حافر فرس جبريل, فألقيته على الحليِّ الذي صنعت منه العجل, فكان عجلا جسدًا له خوار؛ بلاء وفتنة, وكذلك زيَّنت لي نفسي الأمَّارة بالسوء هذا الصنيع.
¥