تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

* ولقد كان لاعتماد هذا المنهج فوائد جمّة على تفسيره وآثار مهمة في فكره لعل أهمّها: الإحساس بمقاصد القرآن وإدراك غاياته ...

ولهذا تراه في مقدمة الظلال المنقحة يقرر حقائق عظام هي مقاصد القرآن وغاياته استقاها من خلال هذا الاتصال المباشر بلا حجب و بلا حواجز هذا الاتصال الذي نعته بأنه نعمة , نعمة العيش في ظلال القرآن ونعمة السماع من الله مباشرة ... يقول سيد قطب عليه رحمة الله: "وعشت - في ظلال القرآن - أحس هذا التناسق الجميل بين حركة الإنسان كما يريد الله، وحركة هذا الكون الذي أبدعه الله .. ثم أنظر .. فأرى التخبط الذي تعانيه البشرية في انحرافها عن السنن الكونية، والتصادم بين التعاليم الفاسدة الشريرة التي تُملَى عليها، وبين فطرتها التي فطرها الله عليها، وأقول في نفسي: أي شيطان لئيم هذا الذي يقود خطاها إلى هذا الجحيم؟ يا حسرة على العباد". "عشت أتملى – في ظلال القرآن – ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع النظيف للوجود .. لغاية الوجود كله، وغاية الوجود الإنساني .. وأقيس إليه تصورات الجاهلية التي تعيش فيها البشرية في المستنقع الآسن، وفى الدرك الهابط، وفى الظلام البهيم، وعندها ذلك المرتع الزكي، وذلك المرتقى العالي، وذلك النور الوضيء"6 ويقول أيضا: "لا صلاح لهذه الأرض، ولا راحة لهذه البشرية، ولا طمأنينة لهذا الإنسان، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة، ولا تناسق مع سنن الكون وفطرة الحياة .. إلا بالرجوع إلى الله .. ". "إن الاحتكام إلى منهج الله ليس نافلة ولا تطوعًا ولا موضع اختيار، إنما هو الإيمان .. أو .. فلا إيمان .. إن هذه البشرية - وهى من صنع الله - لا تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله، ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يَخْرج من يده - سبحانه - وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق، وشفاء كل داء: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" (1) ... ولكن هذه البشرية لا تريد أن ترد القفل إلى صانعه، ولا أن تذهب بالمريض إلى مبدعه " 7

ثانيا: البعد الأدبي8 أو الجمالي9 في تفسير الظلال وبالأخص تأثير نظرية التصوير الفني أو كما يسميها البعض التجسيم أو التخييل الحسي

لقد ولج سيد القرآن الكريم بباعه الأدبي وزاده النقدي الكبير ... فكان لا بدّ وأن يتأثر تفسيره وحديثه عن القرآن بهذا المعلم وينطبع به بل لقد صرّح في غير ما موضع من مواضع كتبه وفي فترات متقدمة من حياته أنّه يأمل في إعادة النظر في القرآن الكريم كلّه نظرة أدبية فاحصة تكشف عن مكنوناته الأدبية المختزنة وجواهره الجمالية المفتقدة ...

قال عليه رحمة الله في مقدمة كتابه "مشاهد القيامة في القرآن":" ... والقرآن: هذا الكتاب المعجز الجميل , هو أنفس ما تحويه المكتبة العربية على الإطلاق , فلا أقلّ من أن يعاد عرضه , وأن ترد إليه جدته , وأن يستنقد من ركام التفسيرات اللغوية والنحوية والفقهية والتاريخية والأسطورية أيضاً! وأن تبرز فيه الناحية الفنية , وتستخلص خصائصه الأدبية , وتنبه المشاعر إلى مكامن الجمال فيه. وذلك هو عملي الأساسي في "مكتبة القرآن". وقد تناولت هذه المشاهد كما يصورها ظاهر اللفظ الواضح المشرق البسيط , لم أحاول أن أعقّدها بالتأويلات البعيدة , ولا أن أدخل عليها مباحث لغوية ودينية لا يقتضيها العرض الفني الجميل. و في اعتقادي أنّ العرب الأولين قد تلقوا الجمال الفني في القرآن هذا التلقي , فتعمق في إحساسهم وهزّ نفوسهم قبل أن يعقِّده المفسرون والمؤولون."10

وعن هذا المعلم البارز في تفسير الظلال يقول الأستاذ أحمد بزوي الضاوي11: " يبدو أثر الواقع الأدبي الحديث واضحا في عناية سيد قطب بلغة النص القرآني، ودراسة أسلوبه وإبراز الجانب التعبيري والبلاغي للألفاظ والتراكيب اللغوية، ذلك أنه ركز على جوانب فنية وجمالية لم يتنبه إليها أو بالأحرى لم يركز عليها القدماء عند تفسيرهم للقرآن الكريم، أو دراسته دراسة لغوية وبلاغية. من ذلك تركيزه على الصورة والمشاهد، ورسم الشخصيات، وتجسيد المواقف، والظلال والحركة والتكرار، والتناسق بين المدلولات والتعابير، والاهتمام الكبير بدراسة الإيقاع، وتحليل بنية الألفاظ التركيبية والدلالية، والكشف عن العلاقة الموجودة بينهما، وغيرها من الأدوات و الوسائل التعبيرية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير