تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي التعبير عنهم بقومه وإضافتهم إليه، وفي التعبير عن القرآن باسم الإشارة القريب، بيان لعظيم جرمهم بتركهم للقرآن وهو قريب منهم في متناولهم، وقدأتاهم به واحد منهم أقرب الناس إليهم، فصدوا وأبعدوا في الصد عمن هو إليهم قريب من قريب. وهذا أقبح الصد وأظلمه.

وفي قوله: (اتخذوا .. إلخ) بيان أنهم جعلوا الهجر ملازماً له ووصفاً من أوصافه عندهم، وذلك أعظم من أن يقال: هجروه، الذي يفيد وقوع الهجران منهمدون دلالة على الثوبت والملازمة".اهـ

---

(43). [بيان واستشهاد فيمن هجر القرآن]

قال-رحمه الله-عند قوله تعالى {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}:

"شرُّ الهاجرين للقرآن الذين يضعون من عند أنفسهم ما يعارضونه به، ويصرفون وجوه الناس إليهم وإلى ما وضعوه عنه، لأنهم جمعوا بين صدهم وهجرهم في انفسهم وصد غيرهم، فكان شرهم متعدياً وبلاؤهم متجاوزاً، وشر الشر وأعظم البلاء ما كان كذلك.

وفي هؤلاء جاء ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه ((إعلام الموقعين)) عن حماد بن سلمة ثنا أيوب السختياني عن أبي قلابة عن يزيد بن أبي عميرة عن معاذ بن جبل قال: ((تكون فتن، يكثر المال، ويفتح القرآن، حتى يقرأه الرجل والمرأة، والصغير و الكبير، والمنافق والمؤمن، فيقرؤه الرجل فلا يُتَّبَع، فيقول: والله لأقرأنه علانية، فيقرؤه علانية فلا يُتَّبع، فيتخذ مسجدا، ويبتدع كلاما ليس من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإياكم وإياه، فإنه بدعة وضلالة)). قاله معاذ ثلاث مرات. اهـ.

فانظر في قطرنا وفي غير قطرنا، كم تجد ممن بنى موضعاً للصلاة، ووضع كتباً من عنده، أو مما وضعه أسلافه من قبله، وروَّجها بين أتباعه! فأقبلوا عليها، وهجروا القرآن، وربما يكون بعضهم قصد بما وضع النفع فأخطأ وجهه، إذ لا نفع بما صرف عباد الله عن كتاب الله، وإنما يدعى لله بكتاب الله، ولذلك سمي صنيع هذا الواضع بدعة وضلال، وحذر منه وأكد في التحذير بالتكرير.

وهذا الحديث وإن كان موقوفا على معاذ فهو في حكم المرفوع، لأنه إخبار بمغيب مستقبل، وهذا ما كان يعلمه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إلاَّ بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تحقق مضمونه في المسلمين منذ ازمان ولاحول ولا قوة إلا بالله".اهـ

---

(44). [سبيل النجاة في اتباع الكتاب و السنة]

قال -رحمه الله- عند قوله تعالى {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}:

"لا نجاة لنا من هذا التيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوع الذي نذوقه ونقاسيه، إلا بالرجوع إلى القرآن: إلى علمه وهديه وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه والتفقه فيه، وفي السنة النبوية: شرحه وبيانه، والإستعانة على ذلك بإخلاص القصد وصحة الفهم، والإعتضاد بأنظار العلماء الراسخين، والإهتداء بهديهم في الفهم عن رب العالمين.

وهذا أمر قريب على من قربه الله عليه، ميسر على من توكل على الله فيه، وقدبدت طلائعه والحمد لله، وهي آخذة في الزيادة إن شاء الله، وسبحان من يحي العظام وهي رميم".اهـ

---

(45). [الحاق واعتبار]

قال -رحمه الله- عند قوله تعالى {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً}:

" .. وكما أن من عَدَلَ عن الإسلام ولم يسلك سبيله وقع في ضلال الكفر، كذلك من عدل عن السنة ولم يسلك سبيلها وقع في ضلال الابتداع.

وكما أن من لم يتخذ مع الرسول سبيل الإسلام يندم أشد الندم ويتحسر أعظم الحسرة على ما كان من تفريطه، كذلك من لم يتخذ مع الرسول سبيل السنة، إذكلٌّ منهما قد ظلم نفسه، وفرط في سبيل نجاته.

فالآية وإن كانت في الكافر والمشرك فهي تتناول بطريق الإعتبار أهل الأهواء والبدع.

وبهذا كانت الآية متناولة بوعظها وترهيبها جميع الخلق ممن لم يدخل فيالإسلام، أو دخل فيه ولم يلتزم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم".اهـ

ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[15 Aug 2010, 08:10 م]ـ

(46). [حسن الموعظة]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير