تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحياة لأناس أصيبوا بهذه الأمراض وأكثر، ولم يتوقف تأثير الداء عليهم بل أعدوا به غيرهم من الخلق بدل أن يتوجَّهوا نحو القرآن ليعالجهم.

ثالث الأوصاف ورابعها: "وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُومِنِينَ" وكلاهما وصفان مطردا الذِّكر في القرآنِ، وأصله: الدالة على الطريق الموصل إلى المقصود. ومجازه: بيان وسائل الحصول على المنافع الحقة. [2] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2) وأما كونه هدى ورحمة فإن تمام وصف القرآن بهما يكون بالنسبة لمن حَصَلت له حقيقتُهما، وأما لمن لم تحصل له آثارهما، فوصف القرآن بهما بمعنى صلاحيته لذلك، وهو الوصف بالقوة في اصطلاح أهل المنطق. [3] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)

وفي مجموع هذه الصفات وصفة ربانية لحصول الهدى والرحمة، وقد أومأ وصف القرآن بالشفاء إلى تمثيل حال النفوس بالنسبة إلى القرآن، وإلى ما جاء به بحال المعتل السقيم، الذي تغير نظام مزاجه عن حالة الاستقامة، فأصبح مضطرب الأحوال خائر القوى فهو يترقب الطبيب الذي يدبر له بالشفاء، ولا بد للطبيب من موعظة للمريض يحذره بها مما هو سبب نشء علته ودوامها، ثم ينعت له الدواء الذي به شفاؤه من العلة، ثم يصف له النظام الذي ينبغي له سلوكه لتدوم له الصحة والسلامة، ولا ينتكسَ له المرض، فإن هو انتصح بنصائح الطبيب أصبح معافى سليماً وحَيِيَ حياةً طيبة لا يعتوِرُه ألم ولا يشتكي وَصَبَا، وقد كان هذا التمثيل لكماله قابلاً لتفريق تشبيه أجزاء الهيئة المشبَّهة بأجزاء الهيئة المشبَّه بها، فزواجرُ القرآن ومواعظه يُشبَّه بنصح الطبيب، وإبطالُه العقائد الضالة يشبه بنعت الدواء للشفاء من المضار، وتعاليمُه الدينية وآدابه تشبَّه بقواعد حفظ الصحة، وعبر عنها بالهُدَى، ورحمتُه للعالمين تشبه بالعيش في سلامة. [4] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4)

{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَالِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}

عن أيفع بن عبد الكلاعي قال: لما قَدِمَ خراجُ العراقِ إلى عمرَ - رضي الله عنه - خرج عمر ومولى له، فجعل يعُدُّ الإِبل، فإذا هي أكثر من ذلك، فجعل عمر يقول: الحمد لله - تعالى - ويقول مولاه: هذا والله من فضل الله ورحمته. فقال عمر: كذبت ليس هذا هو؛ الذي يقول الله -تعالى- {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [5] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5)، ولقد صدق عمر فلم يغره ما فتح الله على المسلمين من خيرات وما أسقط في أيديهم من أراض، وما أغدق عليهم من شتى بقاع الأرض حتى دانت لهم الدنيا، لقد علم ذلك علم اليقين؛ فهو الذي رافق الرسول من أول البعثة، وقاسى معه ومع المسلمين الأوائل التعذيب على يد المشركين، فصبروا جميعا، وثبتوا على ما جاءهم من الحق، ولسان حالهم يقول: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتَ اَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [6] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6) ولم يكن جواب الله تعالى لهم إلا أن قال: {فَئَاتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الاَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [7] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7) فهان بذلك على عمر بن الخطاب كل نعيم، واستشعر قيمة القرآن الذي لولاه ما كان على ما هو كائن عليه اليوم، لا هو ولا أصحابه أبدا.

ولنا أن نمثل لطالب القرآن وطالب المال؛ هل يستويان مثلاً، لا ورب الكعبة لا يستوي من خير بين المال والقرآن فاختار المال، فالمال وإن كثر يفنى ويبلى، ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب [8] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn8)، المال وإن كان نافعا، ما أمكنه أن يؤلف بين القلوب قال تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوَ اَنفَقْتَ مَا فِي الاَرْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمُ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [9] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn9)، وما أمكن أن يبدل دين

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير