تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن يعارضوا القرآن بكلام مثله صادر عنهم قبل الصرفة)

5) القول بالصرفة يقتضي أنّ بلاغة العرب تعطّلت أو على الأقل تراجعت بعد وقوع التحدي والواقع خلاف ذلك فإنّ شعراءهم هم هم وخطباءهم كذلك وكلامهم الفصيح وأسلوبهم البديع والألفاظ المنمقة والمعاني الجليلة السامية بقيت هي هي لم يتغير من ذلك كلّه شيء ... ممّا يؤكد أنّ العجز واقع في أنفسهم وقدرتهم لمزية هذا القرآن وعلوّ شأنه وإعجازه في بلاغته ونظمه لا غير ... وإلى مثل هذا أشار القاضي عبد الجبار المعتزلي (415هـ): (لوكانوا ممنوعين من الإتيان بكلام فصيح، أو قول بليغ، لكان ذلك لا يختص بكلام دون كلام، وأنه لو حصل ذلك في ألسنتهم، لما أمكنهم الكلام المعتاد، ولكن القوم ظلوا يتكلمون، ويأتون بالقول الفني الممتاز، ولم ينحدر مستوى بيانهم، أو يهبط، ولكنه كان - على علوه -، لا يرقى الى مستوى القرآن.) وليس بعيد عن هذا قول يحيى بن حمزة العلوي في الطراز: (البرهان الثالث: الرجع بالصرفة التي زعموها، هو أن الله تعالى أنساهم هذه الصيغ، فلم يكونوا ذاكرين لها بعد نزوله، ولا شك أن نسيان الأمور المعلومة في مدة يسيرة، يدل على نقصان العقل، ولهذا فإن الواحد إذا كان يتكلم بلغة مدة عمره، فلو أصبح في بعض الأيام لا يعرف شيئا من تلك اللغة، لكان دليلا على فساد عقله وتغيره، والمعلوم من حال العرب، أن عقولهم ما زالت بعد التحدي بالقرآن، وأن حالهم في الفصاحة والبلاغة بعد نزوله كما كان من قبل، فبطل ما عول عليه أهل الصرفة.) ويقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني (471هـ): (أنه يلزم على ادعائهم هذا، أن يكون العرب قد تراجعت حالها في البلاغة والبيان، وفي جودة النظم وشرف اللفظ، وأن يكونوا قد نقصوا في قرائحهم وأذهانهم، وعدموا الكثير مما كانوا يستطيعون، وأن تكون أشعارهم التي قالوها، والخطب التي قاموا بها، - من بعد أن أوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحدوا إلى المعارضة - قاصرة عما سمع منهم من قبل ذلك القصور الشديد، وإذا كان الأمر كذلك، وأنهم منعوا منزلة من الفصاحة قد كانوا عليها، لزمهم أن يعرفوا ذلك من أنفسهم، ولو عرفوا لجاء عنهم ذكره، ولكانوا قد قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -:إنا كنا نستطيع هذا قبل الذي جئتنا به، ولكنك سحرتنا، واحتلت علينا في شيء حال بيننا وبينه، وكان أقل ما يجب عليهم في ذلك أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكوا البعض إلى البعض، ويقولوا: ما لنا نقصنا في قرائحنا .. ؟ وإذا كان ذلك لم يرد، ولم يذكر إن كان منهم قول في هذا المعنى، لا ما قل ولا ما كثر، فهذا دليل على أنه قول فاسد، ورأي ليس من آراء ذوي التحصيل.)

6) لو عرض للعرب صارف منعهم من معارضة القرآن كما يدعيه القائلون بالصرفة لنقل وأثِر عنهم ذلك لوجود الدواعي فقد كانوا يجهدون أنفسهم ويبالغون في البحث عن شيء يعللون به رفضهم لدعوة النبيّ صلى الله عليه وسلم بالكذب والبهتان حتى , وما أيسر وأسهل أن يقولوا إننا قادرون على الإتيان بمثل هذا القرآن ولكن طرأ لنا كذا أو منعنا كذا أو أنّ سحر محمد حرمنا من بياننا وبلاغتنا ولكن كلّ ذلك لم ينقل لا لشيء إلاّ لأنه لم يقع أصلا والله أعلم ... يقول يحيى بن حمزة العلوي في الطراز (إنّهم لو صُرفوا عن المعارضة مع تمكنهم منها، لوجب أن يَعْلَموا ذلك من أنفسهم بالضرورة، وأنْ يُميزوا بين أوقات المنع والتخلية. ولو علموا ذلك، لوجب أن يتذاكروا في حال هذا المعجز على جهة التعجّب. ولو تذاكروه، لظهر وانتشر على حدّ التواتر. فلمّا لم يكن ذلك، دّلّ على بطلان مذهبهم في الصرفة) وإلى مثل هذا أشار علي بن عيسى الرماني في نكت الإعجاز

7) فإن قيل وقعت الصرفة دون أن يشعروا بها لزم من هذا القول أنّ حجة الله تعالى الواقعة بتحديهم لا تصحّ في حقهم بل لا بدّ من وقوع التحدي وأن يعلم المتحدي به ويتأكد من عجزه وجهة عجزه كذلك وإلاّ بطل الإعجاز أصلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير