فيه البيان الشافي لهم بأن كفهم عن المعاصي مع ترك إنكارهم على أهلها لا يسمن ولايغني من جوع، بل هم أشد حالاً وأعظم وبالاً من العصاة، فرحم الله عالما قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو أعظم ما افترضه الله عليه وأوجب ما أوجب عليه النهوض به. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم، وأعنا على ذلك وقوِّنا عليه، ويسره لنا، وانصرنا على من تعدى حدودك، وظلم عبادك، إنه لاناصر لنا سواك، ولا مستعان غيرك، يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين.))
وقبله قال الزمخشري (538 هـ) في الكشاف:
(( ... " لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ " كأنهم جعلوا آثم من مرتكبي المناكير، لأن كل عامل لا يسمى صانعا ولا كل عمل يسمى صناعة حتى يتمكن فيه ويتدرب وينسب إليه، وكأن المعنى في ذلك أن مواقع المعصية معه الشهوة التي تدعوه إليها وتحمله على ارتكابها، وأما الذي ينهاه فلا شهوة معه في فعل غيره، فاذا فرَّط في الإنكار كان أشد حالا من المواقع، ولعمري إن هذه الآية مما يقذ السامع وينعي على العلماء توانيهم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هي أشد آية في القران. وعن الضحاك: ما في القرآن آية أخوف عندي منها.))
و قال ابن الجوزي (597 هـ) عن هذه الآية في زاد المسير:
((وهذه الآية من أشد الآيات على تاركي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن الله تعالى جمع بين فاعل المنكر وتارك الإنكار في الذم. قال ابن عباس: ما في القرآن آية أشد توبيخاً من هذه الآية))
وقال الغزنوي (1296 هـ) في حاشيته على جامع البيان للإيجي تعليقا على تفسير هذه الآية:
((فيه توبيخ العلماء والزهاد على السكوت، قال السلف: ما نعلم آية أشد توبيخا للعلماء والزهاد على السكوت عن النهي عن المعاصي من هذه الآية، والعمل لا يسمى صناعة إلا إذا تمكن صاحبها فيها وينسب إليه، ففيه إشارة إلى أن ترك نهي المنكر عادة خواصهم.)).
والله اعلم ....
ـ[عادل الكلباني]ــــــــ[31 Jul 2005, 05:46 م]ـ
الحمد لله وبعد،،،
فقد ذكر أخونا الأزهري ما نصه (مع أن الصلاة هي النسك إلا لأهميتها أفردها سبحانه وتعالى) ويبدو لي أنه جزم بهذا دون الرجوع إلى قوال أهل التأويل في ذلك، فلعل الإخوة الكرام قبل أن يقولوا في كتاب الله شيئا أن يرجعوا إلى أقوال أهل العلم لئلا يقولا على الله بغير علم، وأعيذ أخانا الأزهري من ذلك، ولكنها وصية عامة،،،
وأما قوله تعالى {ونسكي} قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يأمره تعالى أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله، ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم في ذلك؛ فإن صلاته لله، ونسكه على اسمه وحده لا شريك له، وهذا كقوله تعالى {فصل لربك وانحر} أي أخلص له صلاتك وذبحك، فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه، والإقبال بالقصد والنية، والعزم على ألإخلاص لله تعالى، قال مجاهد في قوله: إن صلاتي ونسكي. النسك: الذبح في الحج والعمرة، زوقال الثوري عن السدي عن سعيد بن جبير {ونسكي} قال: ذبحي. وكذا قال السدي والضحاك.
قال أبو عبد الإله: وهذا متسق تماما مع سياق السورة، فإن الأمر فيها بالذبح لله، والأكل مما ذبح على اسمه، والنهي عن ألأكل مما لم يذبح على اسمه، كان محورا هاما من محاورها. وهو متسق أيضا مع ما في سورة الحج، والكوثر. قال ابن عطية: ويحسن تخصيص الذبيحة بالذكر في هذه ألآية أنها نازلة قد تقدم ذكرها واتلجدل فيها في السورة، وقالت فرقة: النسك في هذه الآية جميع أعمال الطاعات، من قولك: نسك فلان فهو ناسك إذا تعبد.
وتفسير الآية بنظائرها من الآيات أولى، وأصح، والله تعالى أعلم.
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[02 Aug 2005, 12:01 ص]ـ
أخي الحبيب عادل بارك الله فيك وجزاك خيرا عن توضيحك وجعله الله في ميزان حسناتك
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[03 Aug 2005, 07:02 م]ـ
بارك الل فيكم جميعا, استمروا في هذا الموضوع الشيق.
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[17 Sep 2007, 05:51 م]ـ
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
للرفع والتذكير.رفع الله قدر صاحب الموضوع وكل من شارك .. اللهم آمين
ـ[الازهري المصري]ــــــــ[14 Apr 2008, 01:16 ص]ـ
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
للرفع والتذكير.رفع الله قدر صاحب الموضوع وكل من شارك .. اللهم آمين
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختنا الكريمة ووفقك الى ما يحب ويرضى ويرزقك من البر ما يرضى ووفقك الى ان تكونين ممن يستمعون القول فتبعون أحسنه
اللهم آمين
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[16 Apr 2008, 12:00 ص]ـ
الفكرة تستحق الاهتمام
وأود المشاركة
ولكن بدا لي أن أبدأ باسؤال
عن الصياغة في قول الأخ الأزهري
يطلب العفة لله
فهل أن يكون تعدي الفعل هنا باللام
وقوله يعمل لله
يكون خليفة لله في أرضه
فهل الانسان خليفة الله في أرضه؟
وفي آية المائدة لَوْلا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)))
هل نهاهم الربانيون أم لم ينهوهم؟ الصياغة توحي أنهم نهوهم وأقاموا عليهم الحجة
¥