ـ[محمد الأمين]ــــــــ[06 Feb 2005, 02:18 ص]ـ
أخي الفاضل
السلف كلهم مجمعون على تفسير واحد بخلاف ما ذهبت إليه. صح ذلك عن ابن عباس ومجاهد وسعيد وقتادة والزهري وابن إسحاق وابن زيد وابن جريج وعبيد بن عمير وروي عن غير هؤلاء كذلك.
قال ابن جريج: وكان قتل بعضهم بعضا أن الله علم أن ناسا منهم علموا أن العجل باطل، فلم يمنعهم أن ينكروا عليهم إلا مخافة القتال , فلذلك أمر أن يقتل بعضهم بعضا.
وأما رقم السبعين ألف فلعل الأصح أنه سبعين فقط بدون الألف. وما كان من اليهود يومئذ ما يقرب الألف رجل
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Feb 2005, 07:59 ص]ـ
والخلاصة أن حكم الدكتور سليمان الحصين على هذه القصة بالبطلان حكم شاذ وغريب، وليس له فيه سلف فيما أعلم. وهي قصة قد تناقلها المفسرون وتلقوها بالقبول، وقد صحت عن حبر الأمة وترجمان القرآن.
ـ[عطية الله]ــــــــ[11 Feb 2005, 01:38 م]ـ
استسمح الإخوة مادام المقامُ مقام مدارسة وبحث، وليس مقام جزم بقولٍ نهائي في مسألةٍ أو فتوى، فهو مقام المتعلم بالدرجة الأولى:
الذي يبدو لي والله أعلم أن اقتحام ساحة تخطئة ما يكاد يكون إجماعاً من المفسرين ولا سيما من أهل القرون الأولى على وقوع القتل بأسلحة مثل التي اقتحم بها الدكتور الحصيّن وفقه الله - هذا الاقتحام ليس بسديد لأمور:
أولها - أن ظاهر القرآن وقوع القتل بالفعل، لأنه هذا هو الأصل فهو تعالى أمرهم بذلك فالأصل أن يكون ويقع ما أمرَ به، ولأنه رتّب التوبة على الأمر بأن يقتل بعضهم بعضا بالفاء فقال: {فتاب عليكم}.
وثانيا - لأنه مرويّ عن الصحابة مما حدثوا به عن بني إسرائيل، فالأرجح والله أعلم في مثل هذا تصديقه، بضميمة الدلالة المتقدمة وفَهْم الصحابة.
وثالثاً - أن الأدلة التي ساقها الدكتور ليست بقوية حتى تجعلنا نعدل عن الظاهر المشار إليه .. وفي أدلته التي ساقها ما فيه بحث، وسأشير هنا إلى ما لاحظته من ذلك:
1ـ قوله: "ولو كانت حدثت بالفعل ما أغفل القرآن الكريم ذكرها والإشادة بأهلها والثناء عليهم كُلَّما تحدَّث عن بني إسرائيل ولكن هذا لم يحدث" اهـ ليس بقوي، ومرتبة هذا الدليل معروف تأخُّرها، وعبارة العلماء في مثله أن يقولوا: لأوشكَ أن يذكرها أو يكرر ذكرها مثلا ...
2 - قوله: "مع أنَّ الآية ليس فيها ما يدل من قريب أو بعيد على استجابة بني إسرائيل لِمَا أمرهم به"اهـ ليس كما قال: بل ظاهر السياق القرآني وقوع ما أمرهم به كما أشرتُ إليه.
3 - قوله: "ومن يقرأ كتاب الله العزيز يجد أنه سبحانه وتعالى قد عفا عنهم عبادة العجل بدون شرط قتل أنفسهم فقال عز وجل: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} "اهـ هذا فيه نظر لأنه لا تعارض بين الآيتين، والجمع أولى مهما أمكن، وليس في هذه أكثر من كونه تعالى عفا عنهم من غير تعرّض لكون ذلك العفو وقع بشرط أو بغير شرط!
وما نقله عن البقاعي فغير مسلم للبقاعي! سواء في معنى العفو، أو في تأويله للعطف بالفاء هنا.
[ملاحظة: ليت بعض الإخوة الكرام يحرر لنا الفرق بين العفو والمغفرة، لأن الذي أعرفه أن العلماء يقولون إن العفو أبلغ، ومعنى العفوِ محوُ الذنب ومحوُ أثره، والغَفرُ سَتْرُ الذنبِ وعدم المآخذة به، فاشتركا في عدم المؤاخذة وافترقا في ... فليحرر]
4 - وقوله: "وكيف يُظن بهم أنهم امتثلوا لأمر موسى عليه السلام بقتل أنفسهم, وقد امرهم الله تعالى بذبح بقرة فترددوا وتعنتوا ولم يمتثلوا للأمر إلاَّ بعد عناء"اهـ
قد يقال إن ههنا فرقاً فإنهم في قصة البقرة تعنتوا وشددوا على أنفسهم من تنطعهم وجهلهم ولم يكن مقصودهم بالقصد الأول عدم امتثال الأمر، والله أعلم، ثم الفرق أنه في قصة قتلهم أنفسَهم الأمرُ يتعلق بكفرهم وشركهم وتوبتهم من ذلك ففرق بين الأمرين في المرتبة! والله أعلم.
5 - وأما استدلاله بآية " {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} وما شابهها فلا يظهر صحته، لأن الكلام على بني إسرائيل مع موسى أو غيره من أنبيائهم الكبار غير الكلام على بني إسرائيل في مراحل أخرى من تاريخهم وتحريفهم وتبديلهم وافتراقهم على أنبيائهم وقتلهم الأنبياء وغير ذلك .. والله أعلم.
والقرآن ذكر عن بني إسرائيل مساوئ كثيرة وذكر أيضا لهم فضائل وفي السنة مثل ذلك.
فما أشار إليه من "عصيانهم الدائم الملازم لهم واللائق بحالهم" يقابله أيضا صبرهم وجهادهم مع أنبيائهم، قال تعالى: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا} وقال: {ومن أهل الكتاب أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}، وقال: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} الدخان32 وقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} الجاثية16 وقال: { ... وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} الأعراف140 وغيرها.
والله أعلم وأحكم عز وجل ومنه التوفيق.
¥