تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - من هم المعنيون في قوله: " مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ "؟ يجيب قائلا: تحيّر النّاظرون في الإخبار عن جميع المذكورين بقوله: {من آمن بالله واليوم الآخر}، إذ من جملة المذكورين المؤمنون، وهل الإيمان إلاّ بالله واليوم الآخر؟ وذهب النّاظرون في تأويله مذاهب: .... والوجه عندي أنّ المراد بالَّذين آمنوا أصحاب الوصف المعروف بالإيمان واشتهر به المسلمون، ولا يكون إلاّ بالقلب واللّسان لأنّ هذا الكلام وعد بجزاء الله تعالى، فهو راجع إلى علم الله، والله يعلم المؤمن الحقّ والمتظاهر بالإيمان نِفاقاً.

3 – الصابئة

والأظهر عندي أن أصل كلمة الصابي أو الصابئة أوما تفرع منها هو لفظ قديم من لغة عربية أو سامية قديمة هي لغة عرب ما بين النهرين من العراق وفي «دائرة المعارف الإسلامية» أن اسم الصابئة مأخوذ من أصل عبري هو (ص ب ع) أي غطس عرفت به طائفة (المنديا) وهي طائفة يهودية نصرانية في العراق يقومون بالتعميد كالنصارى ....

وجامع أصل هذا الدين هو عبادة الكواكب السيارة والقمر وبعض النجوم مثل نجم القطب الشمالي وهم يؤمنون بخالق العالم وأنه واحد حكيم مقدس عن سمات الحوادث غير أنهم قالوا: إن البشر عاجزون عن الوصول إلى جلال الخالق فلزم التقرب إليه بواسطة مخلوقات مقربين لديه وهي الأرواح المجردات الطاهرة المقدسة وزعموا أن هذه الأرواح ساكنة في الكواكب وأنها تنزل إلى النفوس الإنسانية وتتصل بها بمقدار ما تقترب نفوس البشر من طبيعة الروحانيات فعبدوا الكواكب بقصد الاتجاه إلى رُوحانياتها.

4 - و كعادة الشيخ ابن عاشور تناول الآية بالتشريح فكتب:

فالّذي أراه أن يجعل خبر (إنّ) محذوفاً. وحذفُ خبر (إنّ) وارد في الكلام الفصيح غير قليل، كما ذكر سيبويه في «كتابه». وقد دلّ على الخبر ما ذكر بعده من قوله: {فلا خوف عليهم} إلخ. ويكون قوله: {والّذين هادوا} عطفَ جملة على جملة، فيجعل {الّذين هادوا} مبتدأ، ولذلك حقّ رفع ما عُطف عليه، وهو {والصابُون}. وهذا أولى من جعل {والصابون} مَبْدأ الجملة وتقدير خبر له، أي والصابون كذلك، كما ذهب إليه الأكثرون لأنّ ذلك يفضي إلى اختلاف المتعاطفات في الحكم وتشتيتها مع إمكان التفصّي عن ذلك، ويكون قوله: {من آمن بالله} مبتدأ ثانياً، وتكون (من) موصولة، والرّابط للجملة بالّتي قبلها محذوفاً، أي من آمن منهم، وجملة {فلا خوف عليهم} خبراً عن (مَن) الموصولة، واقترانها بالفاء لأنّ الموصول شبيه بالشرط. وذلك كثير في الكلام، كقوله تعالى: {إنّ الّذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثمّ لم يتوبوا فلهم عذاب جهنّم} [البروج: 10] الآية، ووجود الفاء فيه يعيّن كونه خبراً عن (مَن) الموصولة وليس خبر ـ إنّ ـ على عكس قول ضابي بن الحارث:

ومن يَك أمسى بالمدينة رحلُه فإنّي وقبّار بها لغريب

فإنّ وجود لام الابتداء في قوله: «لغريب» عيَّن أنّه خبر (إنّ) وتقديرَ خبر عن قبّار، فلا ينظّر به قوله تعالى: {والصابون}.

ومعنى {من آمن بالله واليوم الآخر} من آمن ودَام، وهم الّذين لم يغيّروا أديانهم بالإشراك وإنكارِ البعث؛ فإنّ كثيراً من اليهود خلطوا أمور الشرك بأديانهم وعبدوا الآلهة كما تقول التّوراة. ومنهم من جعل عُزيراً ابناً لله، وإنّ النّصارى ألَّهوا عيسى وعبدوه، والصابئة عبدوا الكواكب بعد أن كانوا على دين له كتاب.

ثمّ إنّ اليهود والنّصارى قد أحْدثوا في عقيدتهم من الغرور في نجاتهم من عذاب الآخرة بقولهم: {نحن أبناء الله وأحِبَّاؤه} [المائدة: 18] وقولِهم {لن تمسّنا النّار إلاّ أيَّاماً معدودة} [البقرة: 80]، وقول النّصارى: إنّ عيسى قد كفَّر خطايا البشر بما تحمّله من عذاب الطّعن والإهانة والصّلب والقتل، فصاروا بمنزلة من لا يؤمن باليوم الآخر، لأنّهم عطّلوا الجزاء وهو الحكمة الّتي قُدّر البعث لتحقيقها.

5 – و كأنه رحمه الله علم بما قد يدور في أذهان بعض المشككين أو الطاعنين فانبرى يدافع عن القرآن و الرسول صلى الله عليه و سلم و المسلمين فقال و أبدع:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير