تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لا يصحّ لأن بيْت زهير مسبوق بما يصلح أن يكون مشاراً إليه، وقد فاتني التنبيه على ذلك فيما تقدم من الآيات فعليك بضم ما هنا إلى ما هنالك.)

{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً} (الفجر:19) قال: (والأكل: مستعار للانتفاع بالشيء انتفاعاً لا يُبقي منه شيئاً. وأحسب أن هذه الاستعارة من مبتكرات القرآن إذ لم أقف على مثلها في كلام العرب.)

{عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً} (الانسان:18) قال: (و (سلسبيل): وصف قيل مشتق من السلاسة وهي السهولة واللين فيقال: ماء سلسل، أي عذب بارد. قيل: زيدت فيه الباء والياء (أي زيدتا في أصل الوضع على غير قياس).

قال التبريزي في «شرح الحماسة» في قول البعيث بن حُرَيْث:

خَيالٌ لأمِّ السَّلْسبيل ودُونَها مسيرة شهر للبريد المذبذب

قال أبو العلاء: السلسبيل الماء السهل المَساغ. وعندي أن هذا الوصف ركب من مادتي السلاسة والسَّبَالة، يقال: سبلت السماء، إذا أمطرت، فسبيل فعيل بمعنى مفعول، رُكب من كلمتي السلاسة والسبيل لإِرادة سهولة شربه ووفرة جريه. وهذا من الاشتقاق الأكبر وليس باشتقاق تصريفي.

فهذا وصف من لغة العرب عند محققي أهل اللغة. وقال ابن الأعرابي: لم أسمع هذه اللفظة إلاّ في القرآن، فهو عنده من مبتكرات القرآن الجارية على أساليب الكلام العربي، وفي «حاشية الهمذاني على الكشاف» نسبة بيت البعيث المذكور آنفاً مع بيتين بعده إلى أمية بن أبي الصلت وهو عزو غريب لم يقله غيره.)

وقال عند تفسيره لقول الله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} (يوسف: من الآية23): (أي راودته مباعدة له عن نفسه، أي بأن يجعل نفسه لها. والظاهر أن هذا التركيب من مبتكرات القرآن، فالنفس هنا كناية عن غرض المواقعة، قاله ابن عطية، أي فالنفس أريد بها عفافه وتمكينها منه لما تريد، فكأنها تراوده عن أن يسلم إليها إرادته وحكمه في نفسه.)

وقال في بيان المثل في قول الله تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} (لأعراف: من الآية176): (وهذا التمثيل من مبتكرات القرآن فإن اللهث حالة تؤذن بحرج الكلب من جراء عسر تنفسه عن اضطراب باطنه وإن لم يكن لاضطراب باطنه، سبب آت من غيره فمعنى {إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ} إن تُطارده وتُهاجمه. مشتق من الحَمل الذي هو الهجوم على أحد لقتاله، يقال حمل فلانٌ على القوم حملة شعواء أو حملة منكرة. وقد أغفل المفسرون توضيحه، وأغفل الراغب في «مفردات القرآن» هذا المعنى لهذا الفعل.)

وكذلك حكم على المثل الذكور في قول الله عز وجل: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} (العنكبوت: من الآية41) بقوله: (وهو تمثيل بديع من مبتكرات القرآن.)

وقال عن وصف المسجد بالأقصى في صدر سورة الإسراء: (وأحسب أن هذا العلم له من مبتكرات القرآن فلم يكن العرب يصفونه بهذا الوصف ولكنهم لما سمعوا هذه الآية فهموا المراد منه أنه مسجد إيلياء. ولم يكن مسجد لدين إلهي غيرهما يومئذٍ.)

قال: (ووصف اليوم بأنه {يَجْعَلُ ?لْوِلْدَ?نَ شِيباً} وصف له باعتبار ما يقع فيه من الأهوال والأحزان، لأنه شاع أن الهم مما يسرع به الشيب فلما أريد وصف همّ ذلك اليوم بالشدة البالغة أقواها أسند إليه يشيب الولدان الذين شعرهم في أول سواده. وهذه مبالغة عجيبة وهي من مبتكرات القرآن فيما أحسب، لأني لم أر هذا المعنى في كلام العرب وأما البيت الذي يذكر في شواهد النحو وهو:

إذن والله نَرميهم بحرب تُشيب الطفل من قبل المشيب

فلا ثبوت لنسبته إلى من كانوا قبل نزول القرآن ولا يعرف قائله، ونسبه بعض المؤلفين إلى حسان بن ثابت. وقال العيني: لم أجده في ديوانه. وقد أخذ المعنى الصمّة ابن عبد الله القشيري في قوله:

دَعانيَ من نجدٍ فإن سنينه لَعِبْنَ بنا شِيباً وشيبننا مردا

وهو من شعراء الدولة الأموية.)

وقال مبيناً معاني الحسوم المذكورة في قول الله تعالى: {وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} (الحاقة: من الآية7): (وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابي:

ففرَّق بينَ بينِهمُ زمانٌ تتابع فيه أعوام حُسُومٌ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير