ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Apr 2005, 04:56 م]ـ
أخي أبا عبدالمعز حفظه الله ورعاه، وجزاه الله خيراً على غيرته على الحق.
العلامة ابن عاشور رحمه الله ليس معصوماً كما تعلم، والمناصب التي تقلدها كثيرة، وقد بلغ غايتها في تونس، ولا شك أن للمنصب من الأثقال ما يصرف العالم عن علمه مهما كان حريصاً، فإن للعلم روحاً وجواً خاصاً لا يظفر به من اشتغل بالدنيا ولو قلت، ولا شك أن كتب ابن عاشور المتقدمة ككتابه (أليس الصبح بقريب) و (مقاصد الشريعة) و (أصول النظام الاجتماعي) و (شرحه لديوان بشار) و (تعليقاته على ديوان الحماسة) ونحوها تعد من نفائس كتبه، ونفسه فيها نفس عالم محقق مدقق، وتفسيره (التحرير والتنوير) لضخامته اجتمع فيه الجانبان، فينشط في بعض المواضع فيأتي بالدرر والنفائس، ويختصر في بعض المواضع فلا يختلف قوله فيها عن قول من سبقه من المفسرين، وقد مكث في تصنيف تفسيره سنوات طويلة. وما ذكره تلميذه في مقالته الآنفة لا يقدح في علم ابن عاشور إن شاء الله، والمسألة التي ذكرها (وهي فتوى التجنس) مسألة اتهم بها ابن عاشور رحمه الله وهي غير صحيحة إطلاقاً بل الصواب أنه أفتى ومعه ثلة من علماء المالكية خاصة بأنه يجب على من تجنس بالجنسية الفرنسية أن يعلن دخوله في الإسلام، وأن يتخلى عن الامتيازات التي أعطيت له مقابل حصوله على تلك الجنسية. ولكن لهذه القضية ملابسات خفيت على الناس حينها، وشوهت بسبب ذلك سمعة ابن عاشور رحمه الله، وياليتكم يا ابا عبدالمعز وفقكم الله تتكرمون علينا بإيراد تفاصيل فتوى (ردة المتجنس) ليتضح أمر هذه الفتوى للأعضاء الكرام.
والشيخ عبدالحميد بن باديس العالم الجزائري المعروف (1309 - 1360هـ) رحمه الله قد تتلمذ على ابن عاشور، وأثنى عليه، وحاوره وخالفه في بعض آرائه كشأن أهل العلم في كل زمان، وكان بينه وبين ابن عاشور لقاءات علمية كثيرة جمع أكثر ما كتبه ابن باديس حولها في الكتاب الذي أشرتم إليه في مقالكم.
وأما ما ذكره الشيخ ابن باديس رحمه الله عن حال دروس ابن عاشور في مجالسه في التفسير في الجامع فهو نقل لحال بعض الدروس التي يقل فيها نشاط الشيخ ابن عاشور وهذا أمر طبعي لا حرج فيه ولا مذمة إن شاء الله، ولا شك أنه كان يستعمل أساليب المتكلمين وأهل المنطق في بعض المواضع، ودونك تفسيره وسائر مؤلفاته الآن فهي الحكم والفيصل، وهي زبدة علم ابن عاشور قد بقي خالصاً لطلاب العلم،وأما بعض المواقف الخاصة التي تعرض لها في حياته العملية والعلمية فندعها، فقد قدم رحمه الله إلى ربه، ونسأل الله أن يغفر له وأن يجزيه خير الجزاء على انتصابه للتعليم والإصلاح ما يزيد عن ستين سنة أو تزيد. ومن الذي سلم من الخطأ أو التقصير؟ لا ابن عاشور ولا غيره ممن سبقه من أئمة العلم، وقادة الفكر، وقد كان لتلك المواقف ظروفها وملابساتها الخاصة التي تخفى على الناس والله وحده هو المطلع على ما تكن السرائر. فإذا لم يكن لمثل تلك المواقف آثار سلبية على العلم المدون في كتبه، فلا عبرة بها، بل تركها أولى إن شاء الله.
ولعل أخي الكريم أبا زينب وهو بلدي ابن عاشور ومن المحبين لكتبه أن يزيد هذا الأمر إيضاحاً لنستفيد ونتعلم شيئاً من سيرة ابن عاشور وطرفاً من أخباره رحمه الله، ولكم جزيل الشكر يا أبا عبدالمعز على هذه الفائدة رعاكم الله.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[04 Apr 2005, 05:54 م]ـ
أخي عبد الرحمن ...
لا أريد والله ... الانتقاص من العلماء بل انني أكره من شأنه أن يتتبع زلات العلماء بدعوى النصيحة او الجرح والتعديل ... لكنني فى المقابل اكره الافتتان بهم .... وما اوردت كلام ابن باديس الا لتكملة صورة العلامة ابن عاشور ... فيعامل كما ينبغي ان يعامل كل انسان .... له ما له وعليه ما عليه ....
وتفسير التحرير والتنوير ... عندي .... وضعته قريبا من متناول يدي ... لاني كثير الرجوع اليه .. ان لم يكن أول ما أرجع اليه ... لكن الحق احب الينا ..
أما بخصوص مسألة التجنيس ..... فيفهم من كلام ابن باديس الذى انقله الآن .... ان ابن عاشور لم يصدر فتوى ... لكنه سكت ... ويرى فى سكوته نوعا من الاقرار للباطل قال:
لقد ارتفعت الشكوى فى الصحف التونسية هذه المدة الاخيرة من بلدان عديدة من القطر التونسي الشقيق بالبدع والمناكر التي يأتيها الطرقيون [يقصد الصوفية] به. والفضائح التى ارتكبها بعضهم وسيق من اجلها الى العدلية كما يساق المجرمون .... ووجهت سؤالات صريحة الى العلماء فى حكم الاسلام فى ذلك كله ... وعلماء الزيتونة وشيوخ الفتوى فيه وشيخا الاسلام منهم-واجمون ساكتون كأن الامر لا يعنيهم وكأن آيات الله لم تطرق آذانهم .. فأين انتم ايها الشيوخ .. واين ايمانكم؟
لقد سئلتم عن رفض الشريعة بسبب التجنس ذلك الرفض المخرج من دين الاسلام فسكتم وقال الناس انكم خفتم على مناصبكم ..... وها انتم اولاء تسأ لون اليوم عن البدع ......... فهل انتم اليوم ساكتون ... وبالتخويف على مناصبكم معتذرون؟
انتهى كلام ابن باديس ....
لا تعارض اخي عبد الرحمن .. بين قولك وموقف ابن باديس .... فاللوم ليس على اصدار فتوى ولكن على السكوت .....
فإن كان السكوت خوفا على المنصب ...... ذريعة غير مقبولة ......
فإن السكوت بدون عذر إقرار ... وقبول ....
على العموم .. لا يخرج العلامة ابن عاشور رحمه الله ... عن منطق الضعف الانساني .... فغفر الله له ولتلميذه ابن باديس ... وجعلهما فى الجنة اخوانا على سرر متقابلين ...
¥