تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يكون التفريق بحرف من حروف المعجم فقد فرّقوا بين النضج والنضح، والقبص والقبض، وقد يكون التفريق بالتنوين. يقال: هذا ضاربُ زيدٍ. وضاربٌ زيداً، والأول يفيد تحقق الضرب ووقوعه. قال ابن قتيبة: "ولها الإعراب الذي جعله الله وشياً لكلامها وحلية لنظامها، وفارقاً في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين المختلفين كالفاعل والمفعول لا يفرق بينهما إذا تساوت حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكل واحد منهما بالإعراب، ولو أن قائلاً قال: هذا قاتلٌ أخي -بالتنوين-، وقال آخر: هذا قاتلُ أخي -بالإضافة-؛ لدلّ التنوين على أنه لم يقتله، ودلّ حذف التنوين على أنه قد قتله" ([8]).

وعلى هذا يجب أن نفهم الآية الكريمة، فقراءة الإضافة ترشد إلى أن الله تبارك وتعالى قد أتم نوره، وقد يكون هذا الإتمام بإكمال الدين، وقد يكون بنصر أهله والتمكين لهم ودحر أعدائهم.

قراءة الإضافة -إذن- فيها المنة الإلهية على نبيه والمؤمنين معه بما أكرمهم الله به من إتمام هذا النور، ولكن القرآن الكريم ليس لهذه الفئة وحدها، بل هو للمسلمين جميعاً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإذا كانت قراءة الإضافة فيها منّة إلهية، فإن قراءة التنوين فيها عدة ربانية ووعد الله لا يتخلف، فيها طمأنينة للمؤمنين عندما تَدْلَهِمُّ ظلمة، ويُوحش ليل، ويستنسر بغاث، بأن حالاً مثل هذا لن يدوم أبداً، ولا بد أن يتم الله نوره كما أتمه من قبل (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً) (النور: 55). فما أسدّ كلاًّ من القراءتين في معناها، وما أصدق كل قراءة فيما ترشد إليه!


الهوامش:

[1] الشيخ زاده: محمد عبد الوهاب بن عبد الكريم (ت 975هـ (1568م)، حاشية زاده على البيضاوي (أربعة أجزاء)، دار الطباعة الباهرة ببولاق مصر، 1263هـ، جـ3، ص 42.

[2] يمكن أن تكون هذه الآية الكريمة مثالاً لاختلاف الأحرف من حيث التبديل والتغيير.

[3] أبوحيان: البحر المحيط: جـ2، ص2.

[4] الطبري: جامع البيان جـ4، ص 152.

[5] الآلوسي: روح المعاني: 4/ 184 - 185.

[6] محمد رشيد رضا: تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، 12 جزءاً، مكتبة القاهرة، جـ4، ص332، وسيشار إليه عند وروده هكذا: رشيد رضا: المنار.

[7] رشيد رضا: المنار جـ4/ 332.

[8] ابن قتيبة: أبو محمد عبد الله بن مسلم (ت276هـ - 889م) تأويل مشكل القرآن، تحقيق السيد أحمد صقر، دار إحياء الكتب العربية ص11.

ـ[أبو محمد نائل]ــــــــ[26 Apr 2006, 08:03 ص]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

ـ[د. ظافر القرني]ــــــــ[13 Jun 2006, 12:44 ص]ـ
بارك الله في الباحث الكريم،

لعلّي أن أعود إلى قراءة البحث قراءة متأنية للاستفادة منه؛ ولكنّي لاحظت في منتصف المقدمة عبارة قد لا يستقيم معناها. أرجو من الباحث مراجعتها، وتصحيحها إن كان الأمر كما فهمتها. والعبارة المقصودة مبينة في الأسطر التالية المقتبسة من المقدّمة:

"وراحوا يصفون القرآن وقراءاته بالتناقض والاضطراب وعدم الثبات، وحاولوا تشكيك المسلمين في ذلك، وكان وراء ذلك كله نفي النبوة والوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنكار أن يكون القرآن بقراءاته من الله صلى الله عليه وسلم".

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jun 2006, 09:40 ص]ـ
أرحب بأخي الكريم الأستاذ الدكتور ظافر بن علي القرني في ملتقى أهل التفسير، وأشكره على هذا التصويب وهو وهم ظاهر أصلحته نيابة عن أخي الكريم الأستاذ إياد السامرائي، ونحن في انتظار مشاركاتكم يا أبا ماجد في الملتقى وفقكم الله ونفع بكم.

ـ[يسرى أحمد حمدى أبو السعود]ــــــــ[14 Jun 2006, 02:31 م]ـ
بارك الله فيكم وفى مداخلاتكم القيمة

ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[20 Apr 2010, 08:41 م]ـ
الأستاذ الكريم أياد سالم السامرائي
جزاك الله خير الجزاء على هذا الإيضاح أيها الأخ الكريم
ووفقك لما يحب ويرضى

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير