واستمع له بالله وهو يقول: (علم ربنا ماعلم، أني الفت الكلم،آمل رضاه المسلم، واتقي سخطه المؤلم، فهب لي ما أبلغ به رضاك من الكلم والمعاني الغراب. غاية.
ما تصنع أيه الإنسان، بالسنان، إنك لمغتر بالغرار، كفت المنية ثائرا ماأراد، ليت قناتك بسيف عمان، وحسامك ما ولج حديده النار، وريش سهامك في أجنحة نسور الإيار، ليستيقظ جفنك في تقوى الله ويهجع نصلك في القراب. غاية.
مالك عن الصلاة وانيا، قم إن كنت ممانيا، فشم البارق يمانيا، سار لتهامة مدانيا، يجتذب عارضا سانيا، سبح لربه عانيا، وهطل بإذنه سبعا أو ثمانيا، واقترب وهو لماع الأقراب. غاية.) أهـ (2)
إن العرانين تلقاها محسدة ... ولاترى للئام الناس حساد
لقد كان الرجل موضع الرمية من أهل عصره ومصره، رموه عن قوس واحدة، وقالوا من جرف إلى هاوية، ذاعوا بكثير من البهتان والزور، وإن كانوا قد أقذعوا القول فما جانبوا الحق في بعض المزبور، لقد اختط لحياته مسلكا مباينا لبني جنسه، في أكله ونومه وعبادته وزهده وتقشفه ولبسه وفرشه ... فكان كالخطيطة في كل أمره، وكان لابد أن يجد من ينتجع لرأيه، ويحيد عن خطيطته التي ألزمها نفسه، ويبقى بين قيعانه مبتهلا أن يلزمها إلى يوم رمسه.
ومن دعا الناس إلى ذمه ... ذموه بالحق وبالباطل
فهذا كتاب الفصول، وهذه غايته، كتاب رتبه على حروف المعجم، وقد طبع ماوجد منه من أثناء حرف الهمزة حتى منتهى حرف الخاء، ملأه بالتالد والطريف من لغة وأدب ونحو وفلسفة وفقه وتاريخ، فيه مواعظ وأذكار وآيات وأخبار ... سلك فيه مسلكا غريبا بديعا لا أعلم له نظيرا، ذلك أنه يملي الفقرة منه على طلابه ثم يختم ما أملاه بالغاية، وهي عنده بمنزلة القافية من الشعر، ثم يملي تفسيرا لما لعله خفي معناه عليهم مما أملاه من غاية، فإذا انتهى من التفسير، وأراد العودة إلى ما كان فيه من غاية، قال: رجع، فليس فيه معارضة للقرآن أو مناقضته أومجاراته من قبيل ولادبير.
ولعلي أجمل القول بتلخيص ماذكره الميمني رحمه الله في نقاط:
1ـ أن الموجود في ثبت مصنفاته إنما هو كتاب الفصول والغايات فقط.
2ـ هذه الزيادة إنما وردت عند بعض من ترجم له بصيغة التمريض والزعم.
3ـالذي يظهر أنها كانت من أعدائه وحساده الذين حاولوا تشويه صورته وإلصاق تهمة الزندقة به.
4ـ إن صحت هذ الزيادة فلا تفيد أكثر من المحاذاة لا المعارضة، أي عمل شئ حذاء شي كماصنع الشريف كتابا في محاذاة الآثار النبوية!.
وأقول:هاهو الكتاب بين أيدينا، أو الجز الموجود منه والذي يبلغ في المطبوع منه ما يناهز الخمس مئة صفحة، ليس فيه مايوحي بما زعم عنه، بل النقيض من ذلك، من تسبيح الله وتمجيده , والثناء عليه، بل ولاعتراف بإعجاز كتابه.
ولعل صاحب المعرة بنفسه يخبرنا عن موقفه من إعجاز القرآن قائلا: (وأجمع ملحد ومهتد، وناكب عن المحجة ومقتد، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بهر بالإعجاز، ولقي عدوه بالإرجاز، ماحذي على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ماهو من القصيد الموزون، ولا الرجز من سهل وحزون، ولاشاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة ذوي الأرب وجاء كالشمس اللائحة، نور للمسرة والبائحة، لوفهمه الضب الراكد لتصدع، أو الوعول المعصمة لراق الفادرة والصدع، (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون) وإن ألآية منه أو بعض الأية، لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق) أهـ (3)
هذه مقالتي ياساده، وأعوذ بالله من جعلها وساده، كتبتها على عجل، ظنا بأن الأمر جلل، وإن نقصها التحبير، فالعذر من سيد التحرير، أسوقها مختومة، كالناقة المخطومة، إلى الكريم البار، مساعد الطيار.
ـ الحواشي ــــ
1ـ كتاب أبو العلاء وماإليه، كتاب قيم، فيه إنصاف وتحقيق لكثير من المسائل المتعلقة بالمترجم له، خاصة في مايتعلق بدينه ومعتقده، وقد قرض من كبارعلماء عصره كالمحدث الكبير محمد شاكر رحمه الله، والعلامة محمد الخضر حسين، وكل كتب العلامة الميمني وتحقيقاته مضرب المثل رحم الله الجميع.
2ـ الفصول والغايات 62ـ63
3ـ رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ 472ـ473
*وشعره في الذروة، بل له منه مسكتات كقصيدته التي مطلعها:
ياساهر البرق أيقظ راقد السمر * لعل بالجزع أعوانا على السهر
قصيدة طويلة بديعة،أفردها الشيخ المتفنن أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري برسالة مستقلة مع تعليقه عليها، وإن كان في شعره كذلك مايصعب الاعتذار معه، فإلى الله مرجعنا ومرجعه.
ـ[أخوكم]ــــــــ[10 Apr 2005, 11:44 م]ـ
جزاك الله كل خير
أخي الكريم إن كان فعلا ما كتبتَه عن أبي العلاء صحيح
فذب الله النارَ عن وجهك كما ذببتَ عن أخيك
ولستُ أدري هل من المناسب أن تذكر لنا مَنْ مِن العلماء منْ اتهمه بتلك التهمة؟
عموما مقالك لوحده غاية في الإمتاع
وكدتُ أن أتجاوزَ خطأ وقع المعري فيه، ولكن نظرا لأنه يتعلق بآية قرآنية فأحببت التنبيه إليها
وهي (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون)
فقد اختلطت عليه آيتين _وبالتأكيد قد سبقه القلم_
الآية الأولى:
(وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (ابراهيم: من الآية25)
الآية الثانية:
( ... وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر: من الآية21)
وأختمُ بما بدأتُ به
فجزاك الله كل خير
¥