ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 Apr 2005, 01:13 م]ـ
والآن نصل الى منعرج حاسم في نظرية ابن تيمية اللغوية .. فالجزم بالاستعمال ... وحده ... وعدم التعويل على فرضية الوضع .... يفضي لا محالة ... الى اعادة النظر فى طبيعة اللغة ... فلن يعود تعريف ابن جني مقبولا عند ما قال: أمّا حدّها فإنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ...
بل حتى القول بأنها كلمات ... حد قاصر ...
وليس الصواب الا ان نقول "اللغة جمل .... وتراكيب"
لماذا ذلك؟ ...
لان الناس فى استعمالهم اليومي .... يتخاطبون بالتراكيب لا بالاصوات ...
قال ابن القيم -رضي الله عنه-:
الوجه التاسع عشر: انكم فرقتم ايضا بينهما ان المجاز ما يتبادر غيره الى الذهن فالمدلول ان تبادر الى الذهن عند الاطلاق كان حقيقة وكان غيرالمتبادر مجازا .. فإن الاسد اذا اطلق تبادر منه الحيوان المفترس دون الرجل الشجاع ... فهذا الفرق مبنى على دعوى باطلة وهو تجريد اللفظ عن القرائن بالكلية والنطق به وحده .. وحينئذ فيتبادر منه الحقيقة عند التجرد ... وهذا الفرض هو الذي اوقعكم فى الوهم .... فإن اللفظ بدون القيد والتركيب بمنزلة الاصوات التي ينعق بها .. لا تفيد فائدة وانما يفيد تركيبه مع غيره تركيبا اسناديا يصح السكوت عليه ... "
لله دره ... كأن ابن القيم تبعا لشيخه ... يقرر ان الوحدة الاولى فى اللغة هي الجملة .. وما قبل الجملة ... اصوات ينعق بها .... ك"غاق" ... فيكون المسلمون قد سبقوا "شومسكي" وامثاله .... الى اعتبار اللغة ... تراكيب وان القدرة اللغوية الانسانية هي قدرة على انتاج عدد لا نهائي من الجمل ...
ومن ثم ظهر ضعف حد ابن جني .. عندما ارجع اللغة الى الاصوات ...
فمن المؤكد ان" حمحمة "الفرس .. و"غاق" الغراب ... ليس من قبيل اللغة ...
فإن قيل ... لكن تلك التراكيب أليست مكونة من "اصوات" و"كلمات"
... أليس البسيط متقدما على المركب؟؟
قلنا بلى .... بشرط ان نتبنى التحليل المنطقي ... ذلك التحليل المهووس بارجاع كل شيء الى الماهيات المجردة ... وقد مر ان الشأن مناط ليس بتقدير المنطق الذهني بل ... بما هو موجود فى الخارج .. فلتكن الجمل من الكلمات ولتكن الكلمات من الاصوات ولكن الناس فى تدوالهم اليومي ... لا يقولون ... "عندى اصوات اريد ان اوصلها الى سمعك"
وحتى عندما يقولون "هل تسمح لى بكلمة" ... فهم يقصدون "جملة" ...
هذا الاعتراض على التصور المنطقي وجيه ... فإن كان لا بد من ارجاع المركب الى البسيط ..... فلم الوقوف عند حدود الصوت ... اليس هو نفسه مركب .... من تموجات وذبذبات ... أفتكون اللغة فى نهاية المطاف ..
ذرات والكترونات ..... ؟؟؟؟
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[14 Apr 2005, 03:16 م]ـ
عرض جيد، ويحتاج إلى المناقشة بعد اكتمال حلقاته إن شاء الله. شكراً جزيلاً للأستاذ أبي عبدالمعز على هذا الموضوع.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 Apr 2005, 11:13 م]ـ
بعد هذه الجولة القصيرة .. بين المواضعة والاستعمال .. وهما مفهومان لا لا بد من تصورهما لفهم المجاز ... نعود الى ما بني على المواضعة من افتراض "المجاز" .... فقد يقال .. هب المواضعة مجرد افتراض .. فهل هذا مدعاة الى انكار المجاز ... لاننا نجد فى كل العلوم .. مباديء ومسلمات ... بعضها غير مبرهن عليها ... فقد بنيت هندسة اقليدس مثلا على افتراض المكان مستويا ... وبنى غيره هندسة اخرى على افتراض المكان مقعرا .... فهلا تعاملتم مع انصار المجاز .... كما تعامل "ريمان" و"لو باتشفسكي"مع اقليدس ... لا احد ينكر على الآخر ... قلنا هيهات ... لان الشرط المعتبر عند فقهاء العلم هو انسجام النظرية الداخلي ..... وهذا مفقود فى نظرية المجاز ...... واليكم التفصيل:
القول بالمجاز .. فرع عن القول بالحقيقة ... عند القائلين بالمجاز .. :فقال بعضهم الحقيقة اصل للمجاز وقال بعضهم هي كالاصل للمجاز .. ولكنهم اتفقوا جميعا على ثنائية حقيقة/مجاز ...
لكن الكارثة ... ان القول بالمجاز يلغي الحقيقة فى آخر المطاف ... فيكر الفرع على الاصل بالابطال ...
¥