تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ورد بأن المنفي تعمد الكذب لا الكذب بدليل تكذيب الكافر كاليهودي إذا قال الإسلام باطل وتصديقه إذا قال الإسلام حق فقولها ما كذب متأول بما كذب عمدا.

الثاني قوله تعالى (والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) كذبهم في قولهم إنك لرسول الله وإن كان مطابقا للواقع لأنهم لم يعتقدوه وأجيب عنه بوجوه

أحدها أن المعنى نشهد شهادة واطأت فيها قلوبنا ألسنتنا كما يترجم عنه أن واللام وكون الجملة اسمية في قولهم إنك لرسول الله فالتكذيب في قولهم نشهد وادعائهم فيه المواطأة لا في قولهم إنك لرسول الله

وثانيها أن التكذيب في تسميتهم إخبارهم شهادة لأن الإخبار إذ خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة.

وثالثها أن المعنى لكاذبون في قولهم إنك لرسول الله عند أنفسهم لاعتقادهم أنه خبر على خلاف ما عليه المخبر عنه ...

وأنكر الجاحظ انحصار الخبر في القسمين وزعم أنه ثلاثة أقسام صادق وكاذب وغير صادق ولا كاذب لأن الحكم إما مطابق للواقع مع اعتقاد المخبر له أو عدمه وإما غير مطابق مع الاعتقاد أو عدمه: فالأول أي المطابق مع الاعتقاد هو الصادق ... والثالث أي غير المطابق مع عدم الاعتقاد هو الكاذب ..... والثاني والرابع أي المطابق مع عدم الاعتقاد وغير المطابق مع عدم الاعتقاد كل منهما ليس بصادق ولا كاذب فالصدق عنده مطابقة الحكم للواقع مع اعتقاده والكذب عدم مطابقته مع اعتقاده وغيرهما ضربان مطابقته مع عدم اعتقاده وعدم مطابقته مع عدم اعتقاده واحتج بقوله تعالى (افترى على الله كذبا أم به جنة) فإنهم حصروا دعوى النبي الرسالة في الافتراء والإخبار حال الجنون بمعنى امتناع الخلو وليس إخباره حال الجنون كذبا لجعلهم الافتراء في مقابلته ولا صدقا لأنهم لم يعتقدوا صدقه فثبت أن من ا لخبر ما ليس بصادق ولا كاذب ...

وأجيب عنه بأن الافتراء هو الكذب عن عمد فهو نوع من الكذب فلا يمتنع أن يكون الإخبار حال الجنون كذبا أيضا لجواز أن يكون نوعا آخر من الكذب وهو الكذب لا عن عمد فيكون التقسيم للخبر الكاذب لا للخبر مطلقا والمعنى افترى أم لم يفتر وعبر عن الثاني بقوله أم به جنة لأن المجنون لا افتراء له ....

وقد نقلت النص بطوله ... لاننا سنعود اليه لاحقا لنثبت اضطرابهم فى تعريف الخبر الكاذب ... وحسبنا الآن الاشارة الى ان عمدة المدافعين عن المجاز هو التأويل بنصب القرينة ... وإلا فالمصير الى الكذب حتمي.

قال الصبان فى الرسالة البيانية:

الفرق بين المجاز أعني الكلام المشتمل عليه والكذب بالتاويل .. اي ارادة خلاف ظاهر اللفظ وبنصب القرينة على ان الظن الذى هو المعنى الحقيقي غير مراد فالمتجوز مؤول كلامه وناصب قرينة على ان الظن غير مراد له بخلاف الكاذب ... فإنه يدعي الظن ويريده ويصرف همته الىاثباته مع كونه غير ثابت فى نفس الامر .... مثلا إذا قال قائل:جاءني اسد مع ان الاسد الحقيقي لم يجيء اليه فإن لم يرد ظاهر اللفظ بل اراد الرجل الشجاع الذي يشبه الاسد الحقيقي ونصب على ذلك قرينة .. فالكلام استعارة وإذا اراد ظاهره ولم ينصب قرينة على خلافه فهو كذب .... كذا ذكره القوم ونظر فيه العصام فى رسالته الفارسية من وجوه:

أحدها: كما يشتبه المجاز بالكذب والفارق بينهما ما ذكر كذلك يشتبه المجاز بالخطأ كما اذا كان المجاز فى كلام طلبي مثل قول القائل آمرا الآخر فى مقام لا يتصور فيه الاسد الحقيقي "قاتل الاسد" فالاشتباه هنا ليس بالكذب لكون الكلام غير خبري بل بالخطأ لأن القائل لو اراد الظن كان مخطئا لأنه يكون آمرا بمحال فلا وجه للتخصيص بالكذب.

الثاني:

ان كلامهم هنا يشعر بان المجاز صدق دائما فإنهم قابلوه بالكذب ... وليس كذلك بل هو كسائر الاخبار فى احتمال الصدق والكذب. ..

الثالث:

ان كلامهم هذا يقتضي ان يكون اللفظ المجازي كاذبا باعتبار معناه الحقيقي البتة وليس كذلك إذ يجوز ان يجيء اليه الحيوان المفترس مثلا ايضا ... لكن مجيئه ليس مقصودا بالافادة من الكلام بل المقصود إفادة مجيء الرجل الشجاع ....

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير