الفرق بين المثل والعديل: أن العديل ما عادل أحكامه أحكام غيره وإن لم يكن مثلاً له في ذاته ولهذا سمي العدلان عدلين وإن لم يكونا مثلين في ذاتهما، ولكن لاستوائهما في الوزن فقط.
الفرق بين الشبة والمثل: أن الشبه يستعمل فيما يشاهد، فيقال: السواد شبه السواء ... وليس في الكلام شيء يصلح في المماثلة إلا الكاف فأما الشبه والنظير فهما من جنس المثل ....
الفرق بين المساواة والمماثلة: أن المساواة تكون في المقدارين اللذين يزيد أحدهما على الآخر، ولا ينقص عنه، والتساوي والتكافؤ في المقدار، والمماثلة هي أن يسد أحد الشيئين مسد الآخر كالسوادين.
الفرق بين كاف التشبيه وبين المثل: أن التشبيه بالكاف يفيد تشبيه الصفات بعضها ببعض، وبالمثل يفيد تشبيه الذوات بعضها ببعض.
تقول: ليس كزيد رجل، أي بعض صفاته لأن كل أحد مثله في الذات وفلان كالأسد، أي: في الشجاعة دون الهيئة وغيرها من صفاته]. [5]
ومن خلال هذه الإطلالة على الكلمة عند أهل اللغة نستطيع أن نرسم لها شخصية ذات ملامح فارقه بينها وبين غيرها.
فالكلمة تدل على المناظرة والتساوي والاتفاق، وكون الشيء يسد مسد الآخر لأن الذات متكافئة في الحقيقة وفي أخص الأوصاف .....
وبعد، هل للكلمة ملامح أخرى في القرآن الكريم؟
لننظر:
دلالة الكلمة في القرآن الكريم
يقول الراغب في المفردات: [مثل: أصل المثول: الانتصاب، والممثل: المصور على مثال غيره، يقال: مَثُل الشيءُ أي: انتصب وتصور، ومنه قول صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار). [6]
والتماثل: الشيء المصور: وتمثل كذا: تصور، قال تعلى (فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً) (مريم: من الآية17)
والمَثَل: عبارة عن قولٍ في شيء يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره، قال تعالى (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر: من الآية21) وفي أخرى (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت: من الآية43)
والمثل يقال على وجهين:
أحدهما: بمعنى المثل نحو شبيه وشبه ..
والثاني: عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشارك في الكيفية فقط.
والمساوي يقال فيما يشارك في الكمية فقط.
والشكل يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط.
والمثل عام في جميع ذلك.
ولهذا لما أراد الله تعالى نفي الشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: من الآية11) [7]
وعلى هذا فالمثلية عند الاصفهاني لفظ وضع لعموم المشابهة ويشمل معنى
[الند ـ الشبه ـ المساوي ـ الشكل].
وتلك عمومية لا أميل إليها، ولا يرتضيها منهج البحث وهذا يقتضي الرجوع إلى تراث العلماء للوقوف على دلالة المثلية في كتبهم.
والناظر في تراث العلماء يجد هذه المثلية قد حامت حول عدة معان ولم تقف عند دلالة واحدة.
وهذه المعاني وتلك الدلالات تتلاقي في بعض الأحايين وتتباين في أحايين أخرى.
ودعنا نقف على ذلك:
أول هذه المعاني التشابه في بعض الصفات: يقول ابن كثير عند قول الله تعالى: (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً) (النور: من الآية17) [أي: ينهاكم الله متوعداً أن يقع منكم ما يشبه هذا أبداً، أي: فيما يستقبل، والمثلية هنا هي تلقى الإفك الذي روي عن أم المؤمنين بالألسنة والأفواه وهذا شيء ليس لهم به علم.] [8]
[فالمماثلة ليست في جميع الصفات ولكنه إلزام شبه بحكم ظاهر من المماثلة] [9] فالمماثلة هنا تشابه، والتشابه هو أقل درجات المثلية.
ثم يأتي رأي آخر يخلع ثوب الشكل ويتغلغل إلى الداخل فيجعل المثلية تطابقاً في أغلب الأوجه.
ففي قوله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) (آل عمران: من الآية140)
يقول أهل التفسير: [فالمعنى أن أصابوا منكم يوم أحد فقد أصبتم منهم يوم بدر] [10]
¥