تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الله تعالى:

v ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: من الآية228)

v ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) (البقرة: من الآية275)

v ( فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (البقرة: من الآية194)

v ( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) (البقرة: من الآية233)

فالمثلية تعني التطابق حتى لا يعرف هذا من هذا، وقد لفت البيضاوي إلى هذا بجملة عجيبة حيث قال عند عرضه لقول الله تعالى حكاية عن السحرة (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) (طه: الآية58)

قال: [مثله سحرك] [23] فجعل ما رآه السحرة في بادئ الأمر هو المثل، وجعل الأصل هو السحر عند السحرة.

لكن التعبير القرآني (بسحر مثله) يشير إلى أن ما رآه السحرة في البداية شيء جديد فتعاهدوا على أن يأتوا بمثل هذا السحر ولذلك جاءوا بالحبال والعصى لما رأوه من إلقاء موسى للعصي قبل ذلك، فأرادوا أن يصنعوا سحراً مثل الذي جاء به موسى، وأحضروا أدوات مثل أدواته ولذلك قال: (بسحر مثله)

لكن اللفتة التي لفت إليها البيضاوي ـ رحمه الله ـ أراد بها أنهم أرادوا أن يأتوا بشيء لا يختلف عما جاء به حتى في الصورة.


[فالمثل المطلق في الكتاب والسنة وإجماع الأمة والمعقول يراد به:
v إما المثل صورة ومعنى.
v وإما المثل صورة بلا معنى.
وإن لم يكن إرادة الأول إجماعاً تعينت إرادة الثاني لكونه معهوداً في الشرح كما في حقوق العبادة.] [24]
وأزيدكم توضيحاً هنا:
في سورة المؤمنون قال الله تعالى: (بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ) (المؤمنون:81)
فماذا قال الأولون؟
ولنحاول أن نتبين ذلك من خلال السورة نفسها فقوم نوح مثلاً في الآية رقم 24 حكي عنهم أنهم قالوا:
(مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ)
وفي الآية 33 قيل (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ .... وقال الملأ ... ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه .. )
وأنا هنا أقتصر على العبارة حتى لا يضيع منك الخيط.
ثم توالي السورة فتحدثك عن موسى ..

(ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآياتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ * فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ) (المؤمنون 45:47)
ثم قيل في شأن كفار مكة (بل قالوا مثل ما قال الأولون).
فالنص الذي قيل على لسان كل من كذبوا الرسل هو إثبات بشرية الرسل 0
ولكنه قيل مرة (انؤمن لبشرين مثلنا) وقيل مرة (ما هذا إلا بشر مثلكم)
ولا شك أن المضمون واحد، واللفظ متنوع حتى وإن كان التنوع في ضمير التكلم أو الغيبة لأن [المثلية إنما هي باعتبار تطابق المعاني وإن اختلفت الألفاظ] [25]
فالمثلية تكون في الأصل كما يقول الزرقاني -[26]-
أو في الذات كما يقول أبو السعود -[27]-
ولا تكون إلا بين المتفقين وفي أخص الأوصاف.
لكنها في النهاية تكون بين شيئين ولذلك قيل

[المثل المطلق لا يتصور.] [28] لماذا؟
لأن المثل المطلق يعني أن الشيئين شيء واحد، وعليه حين يقال: (فأتوا بسورة مثله يراد فقط: [التعجيز، كما في قوله (فأت بها من المغرب) [29]
****

المبحث الثاني
لمن التحدي؟
تعددت رؤى العلماء في تحديد المتحدي بالقرآن الكريم، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن القرآن [تحدى الخلق كلهم من الجن والإنس بالعجز عن الإتيان بمثله لقوله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88)
حيث أفاد بذلك عجز الجميع عنه في حال الاجتماع والانفراد.] [30]
يرى آخرون أن [التحدي وقع للإنس دون الجن لأن الجن ليسوا من أهل اللسان العربي الذي جاء القرآن على أساليبه، وإنما ذكروا في قوله (قل لئن اجتمعت ..... ) تعظيماً لإعجازه لأن الهيئة الاجتماعية لها من القوة ما ليس للأفراد فإذا فرض اجتماع جميع الإنس والجن وظاهَرَ بعضهم بعضاً وعجزوا عن المعارضة كان الفريق الواحد أعجز.] [31]
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير