تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَل) (الحشر: من الآية21)

(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (الإنسان:23)

(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (يوسف: من الآية2)

(وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً) (الشورى: من الآية7)

وعلى هذا فلفظ (الكتاب) ولفظ (القرآن) يلتصقان التصاقاً مع لفظ الإنزال والوحي وهذا يدل بجلاء على أن أول شيء يعرف به القرآن الكريم أنه "تنزيل من حكيم حميد".

وحين يعرض هذا القرآن نفسه للتحدي فأول شيء يطالب به هو "كتاب من عند الله "

والتطرق إلى شيء آخر إنما هو تبع ورديف 0

فإذا قلنا إنه كتاب هداية والمثلية المتحدى بها مثلية هداية نقول إن الهداية من وظائف هذا الكتاب ولكنها ليست موطن التحدي، والقرآن حين حكى هذه الوظيفة ذكرها بعد إثبات أنها من عند الله تعالى:

" (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى) (القصص: من الآية49)

ولقد حاول بعض أهل الكتاب معارضة القرآن فماذا فعلوا؟

يقول القرآن الكريم:ـ

(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:78)

أرأيت ... ؟!

إنهم يقولون عند المعارضة (هو من عند الله)

لأن من يريد المعارضة فليقل كلاماً من عند الله وليس من عند نفسه 00

تلك هي معنى (حديث مثله) (وسورة من مثله)

ولما كان الكلام البشري لا يرقى إلى الكلام الرباني قالوا كذباً (هو من عند الله) ولقد أصاب ابن كثير المحز حين قال: [وأنى يتأنى لبشر أن يعارض القرآن والقرآن كلام الله خالق كل شيء وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين]. [95]

ثالثاً: حين سمعت الجن هذا القرآن قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى) (الاحقاف: من الآية30)

لاحظ: " أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى "

رابعاً: في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم فرق فيه بين معجزته ومعجزات الأنبياء يقول فيما يرويه

أبو هريرة-رض الله عنه -:

" ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطى من الآيات ما آمن على مثله البشر.وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلىّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ... [96]

لاحظ هذا التعريف النبوي للقرآن الكريم:

" وحياً أوحاه الله إلىّ "

فمن أراد التحدي فليقف هنا ويأتي بمثله.

ما معنى " مثله "؟

أي: وحياً أوحاه الله إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -0

ومن هنا عجز الجميع وسيعجز الجميع (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (البقرة: من الآية24) هكذا قال القرآن الكريم 0

خامساً: حديث علمائنا عن الإعجاز البلاغي والعلمي والغيبي .. وغير ذلك يدخل كله ـ في رأيي ـ تحت قوله (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ) (هود: من الآية1)

والإحكام يعنى وضع كل شيء في موضعه، وهذا يشمل الإحكام النظمي والإحكام في التشريع والإحكام في علاقاته المتنوعة والمتشابكة بين كلماته وجمله وتراكيبه وآياته وسوره.

ومرجعية هذا الإحكام أنه من عند الله أيضاً، واسمع إلى قوله تعالى:

(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء: من الآية82)


وبعد:
فإن جهود علمائنا من إثبات أوجه الإعجاز وتسليط الضوء على مناط التحدي كانت كلها تصب في دلالة "المثلية " وإن لم يذكروا ذلك صراحة،وأستطيع أن أخلص من هذا البحث بأن دلالة المثلية تكمن في قوله تعالى: (قل فأتوا بكتاب من عند الله)
هذا هو معنى المثلثة، وهذا هو مناط التحدي وذاك هو بيت القصيد فالمثلية هنا مثلية وحي وتنزيل.
هذا ماتوصلت إليه .. فإن كان صواباً فالفضل لله وحده وإلا فحسبي أنني اجتهدت والله أعلى وأعلم وهو من وراء القصد.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

سعيد جمعه
أستاذ البلاغة والنقد المساعد
في كلية اللغة العربية بالمنوفية - فرع جامعة الأزهر الشريف

* أهم المصادر والمراجع
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير