تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[خالد- طالب علم]ــــــــ[25 Aug 2005, 04:12 م]ـ

لقد لفت انتباهي- وأنا أقرأ هذا البحث- قول الدكتور سعيد حفظه الله وهو يخاطب الأخ ابن تيمية:

((إنني يا سيدي العزيز لا أدعي أن التحدي في قول أي كلام بل كلام على هذه الشاكلة من بيا ن وبراعة وفصاحة وعلو وبهاء وانتظام وتكامل وتآلف ونغم ............ إلخ وقد تعجب حين تعرف أنني متخصص في البلاغة العربية ولي بحوث في هذا الميدان.

بل إن هناك في نفس الصفحة المنشور عليها بحث دلالة المثلية بحثا آخر لي بعنوان من أسماء الله الحسنى غافر وغفار وغفور مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم.

ومازلت إلى يومنا هذا أتعلم من بلاغة القرآن على أيد مشايخ العربية الكبار من أمثال الأستاذ الدكتور محمد أبي موسى وشيخي الجليل الأستاذ الدكتور محمود توفيق حفظهما الله ومازلت أدرس كتاب العلامة عبد القاهر الجرجاني لطلابى وطالباتي وأكتب البحوث المتعلقة بالبلاغة العربية.

فأنا لست بعيدا عن عالم البلاغة ولا أهلها بل أنا واحد منهم لكن نظرتي للتحدي تختلف عن نظرتي لمنزلة القرآن البياني وإن كنت أرى أنهما يتكاملان ولا ينفصلان)).

فتعجبت من إنسان يدعي أنه متخصص في البلاغة العربية، وأن له بحوث فيها، وأنه واحد من أهلها، ثم ينتهي بعد ذلك كله من هذا البحث الذي أتعب فيه نفسه كثيرًا، وأنفق من أجله الكثير من الجهد والوقت أن يصل إلى هذه النتيجة الفاسدة التي قال بها الأشاعرة والتي قال فيها الشيخ ابن تيمية إنها (خلاف ما في القرآن وخلاف ما أجمع المسلمون بل العقلاء)، وإنها (خلاف العقل والنقل) كما هو واضح من النقول التي نقلها الأخ ابن تيمية.

وأضيف هنا إلى هذه النقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية التي رد فيها على الأشاعرة، وبين فساد مذهبهم، وأنه خلاف للعقل والنقل، أن الطاهر بن عاشور قد ذهب في تفسيره للمثلية في آيات التحدي مذهب الأشاعرة، فقال في تفسير قوله تعالى: {مِنْ مِثْلِهِ} ما نصُّه:

(فالتحدي على صدق القرآن هو مجموع مماثلةِ القرآن في ألفاظه وتراكيبه، ومماثلة الرسول المنزَّل عليه في أنه أمي لم يسبق له تعليم، ولا يعلم الكتب السالفة، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} (العنكبوت:51)؛ فذلك معنى المماثلة).

ثم قال: (فلو أتوا بشيء من خُطبِ، أو شعرِ بلغائهم غيرِ مشتملٍ على ما يشتمل عليه القرآن من الخصوصيات، لم يكن ذلك إتيانًا بما تحداهم به. ولو أتوا بكلام مشتمل على معان تشريعية، أو من الحكمة من تأليف رجل عالم حكيم، لم يكن ذلك إتيانًا بما تحداهم به. فليس في جعل (من) ابتدائية إيهام إجْزاء أن يأتوا بشيء من كلام بلغائهم؛ لأن تلك مماثلة غير تامة).

وإذا كان ابن عاشور قد ذهب هذا المذهب، فلأنه أجاز عود الهاء في {مِنْ مِثْلِهِ} على المنزَّل، والمنزَّل عليه في قوله تعالى: {مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا}، فقال: (والضمير في قوله: {من مثله} يجوز أن يعود إلى {مَا نَزّلنا} أي من مِثل القرآن، ويجوز أن يعود إلى {عبدنا}).

وهذا ما رفضه أكثر المفسرين؛ لأنه لا يتصوَّر عود الهاء على المنزَّل عليه، لظهور عودها على المنزَّل. وهذا هو المروي عن عمر وابن مسعود وابن عباس والحسن وأكثر المحققين،

وإذا كان ابن عاشور قد ذهب إلى أن المثلية المتحدى بها مثلية وحي وتنزيل؛ لأنه يجيز عود الضمير في {مِنْ مِثْلِهِ} على المنزَّل، والمنزَّل عليه، فإن الدكتور سعيد جمعة قد ذهب هذا المذهب مع قوله بعدم تصور عود الضمير على المنزَّل عليه حين قال:

(التحدي بني على جذر واحد واضح، يبين أن الضمير في قوله {مِثْلِهِ} لا يعود إلا على القرآن الكريم. فالبداية هي: {أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ} ولا يتصور بعد هذا عود الضمير على الرسول).فأتى بذلك ما لم يستطع أن يأتي به الأوائل كما قال أبو العلاء المعري:

وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل

والأعجب من ذلك كله أن تسمعهم يقولون: إن المثل المذكور في {أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ}، وفي {فَأْتُوا بِسُوَرٍةٍ مِنْ مِثْلِهِ} هو مثل مقدر مفروض، لا يتصوره العقل. وهذا ما صرح به ابن عاشور، وتابعه فيه الدكتور سعيد جمعة فقال: (الآيات بدأت بافتراض اجتماع الإنس والجن (لئن اجتمعت الإنس والجن). وهذا الافتراض لا يتصور عقلاً، مما يعني أن نتيجة هذا الافتراض- وهو المجيء بمثل القرآن- لا يتصور عقلاً).

ولست أدري كيف يقول هذا القول وأمثاله عالم، يزعم أنه متخصِّص بالبلاغة، وله فيها أبحاث، وأنه ومازال يدرس كتاب العلامة عبد القاهر الجرجاني لطلابه وطالباته، ويكتب البحوث المتعلقة بالبلاغة العربية- كما يقول- وهو يعلم أن علماء البلاغة يكادون يجمعون على القول بأن (إن) الشرطية تدل على الإمكان، وعدم الإمكان!!!

حتى إن بعض المفسرين قد ادَّعى أن (إن) - في آية البقرة- معناها: (إذا). فرد عليهم الشيخ ابن تيمية بقوله: (ومذهب المحققين أن (إن) لا تكون بمعنى: (إذا) .. والذي قاله القوم: إن الواقع، ولا بد يعلق بـ (إذا). وأما ما يجوز أن يقع، ويجوز أن لا يقع فهو الذي يعلق بها، وإن كان بعد وقوعه متعين الوقوع). النبوات للشيخ ابن تيمية:1/ 230.

خالد- طالب علم

? وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ?

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير