وما أجمل قول الطحاوي رحمه الله رحمة واسعة (أَيْقَنَّا أنه قولُ خالقِ البَشرِ، ولا يُشْبِهُ قولَ البشر) وهذا هو الحق فالقرآن بصورته وهيئته وصفته لا يمكن أن يشبه قول البشر، حتى في رسمه وتنوع آياته وسوره لا يمكن أن يشبه قول البشر.
أسال الله - عز وجل - أن يغرس الإيمان في قلوبنا غرسا عظيما، وأن يجعلنا من أوليائه الصالحين، وأن يهيئ لنا من امرنا رشداً".
ـ[محمد جابري]ــــــــ[25 Oct 2008, 08:05 م]ـ
أخي الكريم حقظكم الله ورعاكم وأنار دربكم وفتح بصائركم،
أبدأ بالدعاء بين يدي العزيز الحكيم الذي وحده القادر على تأليف القلوب وإضفاء عليها رحمة من عنده تهدي السبيل.
لا أخفيك أخي الكريم وأنا أقرأ ما تمخض عنه بحثكم والقلب منقبض، وتركت الرد عليكم إلى حين انشرح القلب؛ وإذا كان القاضي ملزم بأن لا يقض وهو عضبان، فكيف بمن يريد إسداء نصح لأخ غيور على هذا القرآن، ولكن كل عيبه أنه لم يأت البيوت من أبوابها.
أخي الكريم حين يخاطبنا الحق جل في علاه بقوله تعالى {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [23] فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [24]} من سورة البقرة، فهل فعلا آمنا بقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ} بأن المسألة جاء فيها جزم من الله والجزم منه سبحانه وتعالى لا ينخرم؟
كان علينا أن لا نبالي بهذه الأقوال ولا نلتفت إليها لماذا؟
لكوننا بصدق لم نضع اليد على جوهر الإعجاز القرآني وهو ما يدعوني لأترككم تتأملون هذه الفقرات علها تكشف لبسا أو تزد يقينا على ما حبى الله المرء من فيضه وفضله: إعجاز القرآن الكريم بين الخلق والأمر
{ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} [الأعراف: 54]
حتى نلمس حقيقة إعجاز القرآن الكريم والذي جاء بخاصة بين الخلق والأمر يأبى علينا خلقنا أن نتقدم النصوص كي لا نقف مع الواقفين على عتبة آيات الله سواء منها القرآنية أو الكونية جعلها الله نبراسا منيرا يستضاء به أعشى البصر حتى ينقدح زناد بصيرته لتبصر الغيب من وراء حجبه الكثيفة بعدما يرق سمكها وتضحي شفافة فتتوقد حساسيتها وتتوقف عند كل كلمة تستشف أسرارها وتتنبه لدلالاتها وتهتز لما يخفق له القلب طربا أو ما طمحت له طموحها أو انطوت عليه انطواءها بغية تفتح إدراك جديد ورأي سديد أصاب رمحه سويداء عيون الفهم فائتلفت عليه القلوب، وتعانقت عليه أيدي الراسخين في العلم فباتوا نخلا سامقا لها طلع نضديد رزق للعباد. وبهذا شدا كل طير شدوه بما أصابه من إعجاب بآيات جاءت بصائر للناس سواء منها القرآنية أو الكونية حسب ما تأثر به كل منهم.
وما انساق المنساقون وراء الكلام عن الإعجاز إلا بحسن ظن منهم بكونهم يبرزون آيات تستحث الهمم وتشحذ العزائم والذمم للالتصاق بهذا المنبع الثر المتدفق، والذي لا ينضب معينه، ولا تنقضي عجائبه.
واختلط على العوام والمتخصصين أيضا أمر الآيات والبصائر والتي ساقت عبرا وعظات قد تهز المرء من أعماقه بما هو حقيقة التحدي القرآني.
وانساق الناس وراء آيات البصائر فتكلم الفقهاء حول الإعجاز البلاغي، والبياني، والعلمي، والغيبي، وتأثير القرآن، والقول بصرف قلوب الناس عن معارضته، وهي كلها إشارات مهمة ووقفات لا تخلو من نكتة أدبية وفقهية، لكن الجزم بكونها التحدي القرآني الذي رمت إليه الآيات فهذا موطن الخلاف، وهو ما لم نسلمه لقائله. وهل بات الخلاف مسألة اصطلاح لدلالة لفظ: " الإعجاز "؟.
فالكلام عن الإعجاز القرآني مسألة خلافية لا بد فيها من الرجوع إلى الله وإلى الرسول وإلى أهل العلم والاستنباط. والرد إلى الله يقتضي منا الضراعة بباب الكريم.
1ـ نقف بباب من تعهد ببيان ما أبهم من كتابه مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ?ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ? [القيامة: 19].
2ـ نستعين به سبحانه ونتوسل إليه بأسمائه الحسنى: "الله العلي الكبير" و"الله عليم حكيم" ليبين لنا ما أبهم علينا من شأن تحدي آيات القرآن، وما صار إليه الكلام تحت عنوان إعجاز القرآن مصداقا لقوله تعالى:
¥