إذاً فالعلاّمة الأزميري أسقط طريق الإعلان للصفراوي وأثبت طريق الإرشاد لأبي الطيّب عبد المنعم. فلذلك قال في بدائع البرهان في تحرير قوله تعالى {ومن الناس من يقول آمنا} قال " قصر آمنا والآخر من الشاطبية والتذكرة وتلخيص بن بليمة وبه قرأ الداني على بن غلبون وكذا من الإرشاد أبي الطيّب كما ذكره الشيخ سلطان وكذا قرأت على بعض شيوخي." والشيخ سلطان أظنّه الشيخ سلطان المزّاحي والله أعلم.
فالحاصل أنّ طرق قصر البدل لورش على ماحققه الأزميري هي: الشاطبية والتذكرة والتلخيص لابن بليمة وقراءة الداني على بن غلبون صاحب التذكرة والإرشاد لأبي الطيّب عبد المنعم شيخ صاحب التذكرة، وتبعه في ذلك المتولّي والعلامة الضباع. قال المتولي في عزو الطرق:
ولابن بليمة وجه ثانِ ...... قصرٌ كطاهرٍ وعنه الداني
وبهما قيل لعبد المنعم ........ ونقلاً عن نصِّ مكِّيِّهم
والجزري قال بالإشباع من .... طريقه فرأت فادرِ يا فطِنْ
والمدّ لا التوسيط نقل الداني ....... فيما أفدناه قسطلاني
وقال ذا من جامع البيان ......... يُظهِرُ الأزميري دون العرفان
وكلّها الشاطبيّ مكمّلة ........
شرح الأبيات:
البيت الأوّل والثاني: قصر البدل وهو الوجه الثاني من تلخيص بن بليمة، وهو المأخوذ به من التذكرة لابن غلبون وكذا قراءة الداني عليه، وهو مذهب عبد المنعم صاحب الإرشاد، واختلف عن مكّي في التبصرة على إثبات قصر البدل له كما ذكر العلامة الضباع في كتابه المطلوب ص3و4.
البيث الثالث والرابع والخامس:أمّا الداني فقد قرأ بطول البدل لكن من جامع البيان كما أفاد ذلك القسطلاني في كتابه لطائف الإشارات، فإذاً الداني له القصر من التذكرة والتوسّط من كتابه التيسير والمدّ من كتابه جامع البيان. وأثبت الأوجه الثلاثة الإمام الشاطبي.
ب - البحث هل التغليظ في نحو {فصالا} ثابت من طرق قصر البدل؟
1 - كتاب التذكرة لابن غلبون: لما رجعنا إلى كتاب التذكرة لم نجد وجه النغليظ في نحو {فصالا} فلذلك قال صاحب النشر " فروى كثير منهم ترقيقها من أجل الفاصل بينهما وهو في التيسير والعنوان والتذكرة وتلخيص بن بليمة والنبصرة " النشر (2/ 114).
2 - كتاب التلخيص بابن بليمة: ذكر صاحب النشر كما نقلناه آنفاً أنّه لم يذكر وجه التغليظ من التلخيص كما قال رحمه الله " فروى كثيرٌ منهم الترقيقها من أجل الفاصل بينهما وهو الذي في التيسير والعنوان والتذكرة وتلخيص بن بليمة والتبصرة " النشر (2/ 114).
3 - قراءة الداني على طاهر بن غلبون صاحب التذكرة: فبما أنّ صاحب التذكرة لم ينقل التغليظ فلا شكّ أنّ الداني لم يقرأ عليه بالتغليظ. وما ذكره بن الجزري من اختيار الداني التغليظ فهو من طريق جامع البيان وليس من التيسير ولا بما قرأ على صاحب التذكرة لذا قال بن الجزري في تغليظ اللام " وهو اختيار الداني في غير التيسير. وقال في الجامع إنّه الأوجه " (النشر 2/ 114).
4 - الإرشاد لأبي الطيّب: لم يذكر صاحب النشر وجه التغليظ من الإرشاد، لكن من المعلوم أنّ مكي اعتمد في كتابه التبصرة على ما تلقاه عن أبي الطيب عبد المنعم صاحب الإرشاد كما ذكر أول الكتاب (التبصرة ص5). قال صاحب التبصرة في باب ترقيق اللام وتغليظها " والذي قرأت به لورش عن شيخنا أبي الطيّب رحمه الله هو تغليظ اللام المفتوحة .... " (التبصرة ص151)، ثم ذكر أحكام اللام ولم يذكر التغليظ. فالشاهد أنّ صاحب التبصرة لم يذكر التغليظ وهو اعتمد في باب اللامات اعتماداً كلّيا على كتاب الإرشاد لأبي الطيّب وهذا يدل أنّ صاحب الإرشاد لم يذكر التغليظ. وهو الذي أيّده العلامة الضباع في كتابه المطلوب ص12.
5 - التبصرة لمكّي القيسي: سبق أن ذكرنا أنّ صاحب التذكرة لم يذكر وجه التغليظ ولذلك قال صاحب النشر " فروى كثير منهم الترقيق من أجل الفاصل بينهما وهو الذي في التيسير والعنوان والتذكرة وتلخيص بن بليمة والتبصرة " (النشر ص2/ 114).
¥