تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ما ذكره السيوطي رحمه الله هو وجه من أوجه الإعراب لكلمة (والصابرين) عند بعض النحويين .. وأصحّ الأقوال وأشهرها عند النحاة أنّها منصوبة على المدح .. وقد ورد مثل هذا القطع في المعطوفات في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، منها:

- نصب (المقيمين) في قوله تعالى: (لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 162].

- رفع (الصابئون) في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) [المائدة: 69].

- نصب (حمالة) في قراءة عاصم وعبد الله بن إسحاق في قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد: 4] وهي من القراءات السبعة المتواترة .. وغيرها من المواضع ..

فكلمة (المقيمين) منصوبة على معنى المدح، و (الصابئون) مرفوعة على معنى الذمّ، وكذلك (حمالة) منصوبة على معنى الذمّ .. وقد صرّحوا بعمل هذين المعنيين فقالوا: وقد تفعل العرب ذلك في المدح والذمّ فتنصب وترفع ..

وقد منع جمهور النحاة جعل (والصابرين) في آية البقرة معطوفاً على (ذوي القربى) لأنّه يترتّب على هذا العطف أمران لا يجوزان:

الأول: عطف (الموفون) على اسم الموصول (مَنْ) قبل أنْ تتمّ صلته.

والثاني: كون (الموفون) فاصلاً أجنبيّاً بين المعطوف والمعطوف عليه.

قال أبو علي: ولا وجه لهذا القول لأنّ (الصابرين) لا يجوز حمله على (وآتى المال على حبّه) سواء كان قوله (والموفون بعهدهم) عطفاً على الموصول أو مدحاً، لأنّ الفصل بين الصلة يقع به إذا كان مدحاً كما يقع به إذا كان مفرداً معطوفاً على الموصول، بل الفصل بينهما بالمد أشنع، لكون المدح جملة، والجمل ينبغي أن تكون في الفصل، وأشنع وأقبح بحسب زيادتها على المفيد وإن كان الجمع من ذلك ممتنعاً ..

والله أعلم ..

ـ[زوجة وأم]ــــــــ[24 - 01 - 2007, 11:43 ص]ـ

صراحة المسألة ليست واضحة لي

خاصة مسألة المدح

ربما لأن علمي في النحو ما زال ناقصا

لكن لو توضحوا لي المسألة بتوضيح اسهل

اتحدث عن كلمة الصابرين واعرابها

جزاكم الله خيرا

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[25 - 01 - 2007, 12:50 ص]ـ

سنحاول إذن أن نبسّط المسألة ..

قاعدة نحوية: العطف بالنصب على مرفوع جائزٌ في النحو، ووارد في لغة العرب وشعرهم، وليس فيه إشكال .. وهي ظاهرة معروفة عند النحاة تحت مُسمَّى "القطع"، ومعناها: مغايرة النعت للمنعوت والعطف للمعطوف في الإعراب، بأنْ يكون المنعوت أو المعطوف مرفوعاً ونعته أو عطفه منصوباً أو العكس .. أما الغرض منها فإثارة الانتباه ولفت الأنظار إلى الصفة المقطوعة .. بمعنى أنّ اتصاف الموصوف بهذه الصفة قد بلغ حدّاً يثير الانتباه ..

ومن الأمثلة على ذلك قول الشاعر:

إلى الملكِ القرمِ وابنِ الهمامِ ... وليثَ الكتيبة في المزدحَمْ

وذا الرأي حين تغمُّ الأمور ... بذات الصَّليل وذات اللُّجُمْ

فنصب (ليثَ) و (ذا الرأي) لأنّه أراد إفراد الممدوح بمدح مجدَّد غير متبع لأول الكلام ..

فإذا رجعنا إلى آية سورة البقرة، والتي جاء فيها قوله تعالى: ( ... وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ)، فنجد أنّه أخرج (الصابرين) منصوباً على الاختصاص والمدح إظهاراً لفضل الصبر في الشدائد ومواطن القتال على سائر الأعمال .. فاختصاص المقاتل الصابر في مواطن تناثر الرصاص وقذائف الكفّار، وثبات أقدامه أمام هدير الدبّابات، وتحت قعقعة الرشاشات، إنّما هو مدح وثناء للمتصفين بصفة الصبر في ذلك الموطن .. فالصبر للمجاهد سيف لا ينبو، وجواد لا يكبو ..

أمّا قول مَن قال: إنّ (الصابرين) منصوب لأنّه معطوف على (ذوي القربى)، فالوجه فيه عندهم أنّه أراد: "وآتى المالَ على حبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين ... والصابرين في البأساء والضراء" ..

يقول ابن قتيبة: "وهذا وجه حسن لأنّ البأساء: الفقر، ومنه قول الله عزّ وجلّ: (وأطعموا البائس الفقير) [الحج: 28] .. والضراء: البلاء في البدن من الزَّمانَة والعِلّة، فكأنّه قال: وآتى المال على حبه السائلين الطوافين، والصابرين على الفقر والضرّ، الذين لا يسألون ولا يشكون .. وجعل (الموفين) وسطاً بين المعطين نسقاً على (مَن آمن بالله) " .. وقد بيّنا من قبلُ حُجّة المعارضين لهذا التوجيه ..

هل وصلت الفكرة الآن؟!

ـ[زوجة وأم]ــــــــ[28 - 01 - 2007, 05:51 م]ـ

نعم

بارك الله فيك

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير