تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يعتبر موضوع الإيمان بالله من أهم مواضيع الفكر الإسلامي، بل الفكر كله، إذ هو جوهر الإيمان ونقطة البدء، وكل أمر آخر يأتي بعده في الأهمية، فالإيمان أساس وغيره فرع، إذ يلد الإنسان وتتولد عنده أسئلة تسعى لتفسر الوجود ـ بعامل فطرته المشعرة له بالنقص ـ وهذه الأسئلة الطبيعية هي: سؤاله عما قبل الوجود، ونظام سيره في الوجود، ومصير الوجود، وعلاقتها ببعضها وبالإنسان، ويمكن أن تختصر هذه الأسئلة كما يلي: من أين أتيت؟ ولماذا جئت؟ وماذا يفعل بي بعد الموت؟ وبصورة أخرى سؤاله عن هذه الثلاثة: الله، الإنسان، الطبيعة، والوجود الذي يبحث فيه وعنه، هو ما يقع تحت حسه المباشر ـ أي الوجود المادي ـ فالوجود المادي موضع التفكير وليس مصدر التفكير، ويستحيل أنْ يبدأ التساؤل عند الإنسان دون أنْ تكون عنده جملة من المعلومات تجعله قادرا على النظر والاستدلال.

إنَّ الاعتقاد التسليمي لم يكن ذات يوم قادراً على كبت تساؤلات الفكر الإنساني المتعددة، فالقرآن الكريم يخبرنا عن إبراهيم عليه السلام؛ الذي آمن بربه خالق الكون والحياة والإنسان بالاستدلال العقلي؛ عبر عملية فكرية تعاملت مع ظواهر كونية قال تعالى عن حاله وهو يُعمل عقله ((فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ % فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ % فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ % إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) (الأنعام:76 - 79)

يسأل إبراهيم ربه عز وجل، كيف يحيي الموتى ليطمئن قلبه، ويوثق ذلك القرآن بما يلي: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (البقرة:260).

وموسى عليه السلام يطلب رؤية الله عز وجل، سواء من ذاته أو من تأثير بني إسرائيل عليه، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (الأعراف:143).

لقد أصرَّ بنو إسرائيل وبإلحاح على الطلب من موسى رؤية الله تعالى وقد وثق القرآن طلبهم وما لحقهم من صعق بسبب الطلب قال تعالى: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً (النساء:153)

ويحدثنا القرآن كثيراً عن سؤال بعض الناس محمد r عن الساعة وهذه آيات توثق ذلك {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (الأعراف:187) {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} (النازعات:42) {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير